رئيس مكتب مجلس الأمة الجزائري ينتقد تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون

Image description
الخميس 09 يناير 2025 - 16:32 النور TV

الجزائر: لليوم الثالث على التوالي، تستمر تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول الكاتب المعتقل بوعلام صنصال، في إثارة ردود الفعل المستنكرة بالجزائر، والتي وصلت حد وصف أقواله بالعمل العدائي، من قبل مؤسسات دستورية جزائرية.

وفي بيان له، أدان مكتب مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، برئاسة صالح قوجيل، رئيس المجلس، في تصريح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حول الجزائر، معتبرا إياه “جرما سياسيا وعملا عدائيا يسعى من خلاله إلى تجاوز أزماته الداخلية”.

واعتبر مكتب مجلس الأمة هذا التصريح “جنوحا وتهورا وتصرفا خطيرا للغاية وسوء سلوك”، فضلا عن كونه “جرما سياسيا وعملا عدائيا يؤكد جليا فقدان دولة فرنسا لمعالمها، بعيدا عن اللباقة الدبلوماسية والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية وبقية أدبيات الممارسة الدبلوماسية”.

كما أشار إلى أن هذا الموقف “يخالف مبدأ احترام سيادة الدول على نحو خطير ويعتدي على سيادة الجزائر، ليمثل استفزازا سياسيا سافرا يثير استياء شديدا لدى الشعب الجزائري ومكونات الأمة جميعها”. ويبين ذلك مرة أخرى، حسب البيان، أن “بعض الدوائر الفرنسية وأذرعها الإعلامية تحولت إلى بؤر استفزازات في العلاقات الجزائرية-الفرنسية لتتناسب تماما مع الهستيريا المعادية للجزائر”.

وذكر أن هذا التصريح “يراكم فيه الجانب الفرنسي مواقف عدائية للجزائر ويسعى لتجاوز أزماته الداخلية برسكلة رديئة وإخراج سوقي لمواقف اليمين المتطرف المعادي لكل ما هو جزائري حتى أضحى يخترع صيغا للنيل من الجزائر في كل مناسبة وحين”.

كما يعد التصريح وفق المصدر ذاته، “إفلاسا غير مسبوق لخطاب الدولة الفرنسية وبادرة من بوادر انهيار مؤسساتها الجمهورية وانحسار النخب السياسية مع تصحر مشهود في الطبقة السياسية وتمدد للمتطفلين والدخلاء فيها من المنتفعين العابرين الذين لا تستهويهم إلا أمجادهم الشخصية على حساب أعراف ونبل فرسان السياسة المتعارف عليها في كل زمان ومكان”.

من جانبه، عبّر حزب العمال عن إدانته لتصريحات ماكرون. وقال إنه من الواجب التذكير بأن انعتاق الشعب الجزائري تم انتزاعه بفضل مسار طويل من المقاومة الشعبية، التي بلغت ذروتها بثورة نوفمبر 1954 وبالتضحيات الجسيمة التي قدمها ملايين الشهداء. وأضاف أنه بناءً على هذه المسلمات، فإن التشبث بالسيادة الوطنية في الجزائر لا يمكن فصله عن تلك الحقبة الاستعمارية الطويلة والمظلمة.

واعتبر حزب العمال ذو التوجه اليساري، أن هذا التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر يأتي في وقت يواصل فيه الرئيس ماكرون تلقي الهزائم على المستويين الوطني والدولي. وقال إن ماكرون يهاجم بشراسة العديد من الدول الأفريقية التي تُظهر إرادتها في استرجاع السيادة الوطنية عبر طرد الجيوش الفرنسية من أراضيها، ويخوض هجومًا شديدًا على الانتفاضات الشعبية التي شهدتها دول في الساحل الإفريقي وغرب إفريقيا، والتي تطالب بتفكيك القواعد العسكرية الأجنبية ورفض التدخلات العسكرية التي لم تجلب سوى مزيد من اللاأمن والنهب.

وأشار الحزب إلى أنه لا يمكن للجزائر أن تتلقى دروسًا من رئيس يدعم، بوضوح، مشروع الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس، وينتهك مبدأ الحق في الحياة، خاصةً في ظل دعمه لمجرمي الحرب الإسرائيليين بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت. وأبرز أن من واجب فرنسا أن تُعالج القمع وسياسات التخلي والإهمال في مستعمراتها القديمة، مثل غوادلوب ومايوت، ومن بينها اعتقال المناضل الكاناكي كريستيان تين، المعتقل في فرنسا بعيدًا عن موطنه.

وانتهى الحزب إلى أن التدخل غير المقبول من ماكرون الذي يطغى عليه الروح الاستعمارية والأبوية لا يمكن تحمله، مشيرًا إلى أن فرنسا بلد يتواصل فيه الترويج للصهيونية منذ أكتوبر 2023، يتم تجريم كل فعل يسعى لوقف حرب الإبادة ضد فلسطين.

من جهته، ندد حزب الفجر الجديد بما صدر عن الرئيس ماكرون من تصريحات، بوصفها “تطاولا ومزايدة على مواقف الجزائر ومحاولة للتدخل في شؤونها الداخلية”، مشيرا إلى أنه “إن كان للشرف مقاييس، فان فرنسا هي آخر من يحق لها أن تتكلم، كونها ملطخة بدماء الشعوب جراء سياسة الاضطهاد والإبادة الجماعية التي ارتكبتها”.

وفي ذات السياق، نددت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بفحوى التصريحات التي واعتبرتها “انتهاكا صارخا لسيادة الجزائر وتدخلا سافرا في شؤونها الداخلية”، معربة عن استنكارها لمثل هذه “السقطات الشنيعة التي لطالما استهدفت أصالة الجزائر الممتدة عبر التاريخ من خلال أبواق مستأجرة باعت ذمتها”. ودعت الجمعية الى “اليقظة والوقوف صفا واحدا تجاه ما يحاك ضد بلادنا، لأن وحدة الوطن وأمنه واستقراره هي مسؤولية الجميع”.

من جهتها، نددت المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء بحملة “العداء والكراهية التي تشنها أوساط اليمين المتطرف الفرنسي ضد الجزائر”، مؤكدة “رفضها الشديد للتدخل السافر في الشؤون الداخلية لبلادنا ودعمها المطلق للمواقف الرسمية للدولة”. ودعت في السياق ذاته إلى “مزيد من اليقظة لمواجهة الحملات التي تستهدف سمعة الجزائر وعدم الانسياق وراء الأخبار الكاذبة التي يروج لها الفاشلون والخونة”.

والثلاثاء الماضي، كان ماكرون في حديثه أمام سفراء بلاده المجتمعين في قصر الإيليزيه، قد تناول قضية اعتقال الكاتب بوعلام صنصال الذي شكّك في أحقية الحدود الجزائرية، بشكل مثير للاسفزاز. وقال الرئيس الفرنسي إن “الجزائر التي نحبها كثيرا والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج”. وتابع “نحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه، أحث حكومته على إطلاق سراح بوعلام صنصال”، مضيفا أن هذا “المناضل من أجل الحرية.. محتجز بطريقة تعسفية تماما من قبل المسؤولين الجزائريين”. وتحمل كلمة DESHONEUR التي استعملها ماكرون في دلالتها عدة معان منها الإساءة للشرف أو فقدان الشرف، وهو ما اعتبر في الجزائر بمثابة شتيمة للبلاد.

الأكثر قراءة