الرباط: أكد تقرير صادر عن المجلس الروسي للشؤون الدولية، الذي يُعنى بتعزيز القوة الناعمة الروسية، أن منطقة شمال إفريقيا تشهد نمواً اقتصادياً سريعاً، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة إلى 4.2% خلال عام 2023، بقيادة كل من المغرب ومصر. وأشار التقرير إلى أن هذه الدول، رغم التحديات التي تواجهها مثل تغير المناخ وانخفاض المحاصيل الزراعية وارتفاع التضخم، تظل جذابة للاستثمار الأجنبي المباشر.
وأوضح التقرير أن تونس تعتمد على المساعدات المالية من جيرانها، مثل الجزائر، التي تواجه بدورها حاجة ماسة لإصلاحات اقتصادية، خاصة مع اعتمادها الكبير على قطاع النفط والغاز الذي يشكل 35% من الناتج المحلي الإجمالي. من جهة أخرى، يتمتع المغرب بوضعية اقتصادية واجتماعية مستقرة نسبياً، بفضل السياسات المدروسة التي تنتهجها القيادة المغربية.
وفي ليبيا، أشار التقرير إلى اعتماد الميزانية بشكل كبير على إيرادات النفط والغاز، مع توسع الاقتصاد غير الرسمي وانتشار أنشطة غير قانونية مثل الاتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات، نتيجة الازدواجية في السلطة والفساد والعقوبات الدولية.
وأكد التقرير أن دول شمال إفريقيا تحتاج إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن قطاعي الطاقة والزراعة، مشيراً إلى أن هذه الدول أصبحت منصة محتملة لتطوير الشركات الناشئة والتقنيات المالية المبتكرة، رغم انخفاض الإنفاق على البحث العلمي والتطوير.
وفيما يتعلق بالمغرب، لفت التقرير إلى استقطاب البلاد لاستثمارات أجنبية بمليارات الدولارات، حيث تركز 25% من هذه الاستثمارات في القطاع الصناعي، و20% في العقارات، و12.4% في الاتصالات، و9.5% في السياحة، و6.4% في الطاقة والتعدين.
وأشار التقرير إلى أن نقل الأعمال إلى شمال إفريقيا، في إطار ما يعرف بـ"الهجرة الصناعية"، أصبح خياراً جذاباً للشركات الأوروبية، خاصة مع إمكانية الوصول إلى موارد طاقية بأسعار منخفضة. كما أبرز التحول الكبير في القطاع المالي بالمنطقة، مع تطور البنوك المحلية المغربية والمصرية بعد مغادرة البنوك الإنجليزية والفرنسية.
وذكر التقرير أن تمويل المناخ أصبح مجالاً جديداً لجذب الاستثمارات في شمال إفريقيا، خاصة بعد تعرض المنطقة لظواهر مناخية قاسية مثل الزلزال والجفاف في المغرب، والفيضانات في ليبيا، وحرائق الغابات في الجزائر. وأكد أن قطاعات مثل الطاقة الشمسية والريحية والزراعة توفر فرصاً واعدة للاستثمار.
وأخيراً، أكد التقرير أن روسيا تسعى لتعزيز التعاون مع دول شمال إفريقيا من خلال دمجها في منظمة "بريكس"، مع التركيز على مجالات مثل الصناعة والفلاحة والطاقة والتكنولوجيات المالية. كما شدد على أهمية تطوير الشركات الناشئة والمتوسطة في مجال التقنيات الرقمية، بما في ذلك الحلول الزراعية الرقمية، كمجال واعد للتعاون الاقتصادي بين روسيا ودول المنطقة.