الدار البيضاء: أثار البيان الصادر عن رئاسة الأغلبية الحكومية، عقب اجتماعها الأخير برئاسة رئيس الحكومة عزيز أخنوش وبحضور قيادات الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، موجة واسعة من الانتقادات والسخرية في الأوساط الإعلامية وعلى منصات التواصل الاجتماعي. واتهم العديد من المعلقين الحكومة بتقديم صورة "وردية" لمنجزاتها، متجاهلة الإشكالات العميقة التي تواجهها البلاد، في خطوة وصفها البعض بـ"لغة الخشب" التي لا تعكس الواقع المعاش.
ورغم تكرار البيان لعبارات مثل "العزم الثابت" و"التفاعل السريع" و"الإرادة المشتركة"، إلا أن متابعين رأوا أن هذه الصياغات لا تتعدى كونها خطابًا إنشائيًا يفتقر إلى الوضوح والمصارحة. وأشار مراقبون إلى غياب أي إشارة في البيان إلى الخلافات الداخلية التي برزت مؤخرًا بين مكونات التحالف الحكومي، والتي كان من المفترض أن تشكل محور النقاش خلال الاجتماع.
وأثارت إشادة رئاسة الأغلبية بـ"النتائج الإيجابية التي حققتها الحكومة" واعتبارها خطوة لترسيخ "الدولة الاجتماعية" موجة من السخرية. وتساءل العديد من المدونين عن أي "إنجازات" تتحدث عنها الحكومة في ظل استمرار معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار والبطالة وتحديات السكن. وكتب أحد النشطاء: "الحكومة لا تكتفي فقط بعدم الاعتراف بالمشاكل، بل تعتبر أن إنجازاتها عظيمة لدرجة تستحق التهنئة!"، بينما قال آخر: "نعم، الحكومة نجحت في أمر واحد فقط: الحفاظ على لغة الخشب في بياناتها".
و من بين المفارقات التي أثارها المنتقدون، أن بعض المؤسسات الرسمية مثل "المندوبية السامية للتخطيط" و"الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها" باتت أكثر وضوحًا وجرأة في عرض الحقائق مقارنة بخطاب الحكومة. فقد واجهت تقارير هذه المؤسسات انتقادات حادة من وزراء الحكومة بعد كشفها عن أرقام صادمة حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وتطرق بيان الأغلبية إلى نجاح الحكومة في إطلاق أوراش كبرى مثل تعميم الحماية الاجتماعية وبرنامج الدعم الاجتماعي وإصلاح قطاعي الصحة والتعليم، بالإضافة إلى مواجهة الجفاف وتأمين إمدادات المياه والطاقة. كما أشادت بالأداء السياحي، معتبرة أن المغرب حقق رقمًا قياسيًا في عدد السياح. لكن هذه الإشادات لم تمر دون ردود فعل ناقدة. ففيما اعتبرت الأغلبية أن الحكومة نجحت في ضبط الأسعار، تساءل المواطنون عن أي "استقرار" تتحدث، في ظل استمرار غلاء المعيشة. كما قوبل حديث الحكومة عن تموين الأسواق خلال شهر رمضان بانتقادات لاذعة، حيث تساءل البعض: "وهل المغاربة يأكلون فقط في رمضان؟".
واختتم البيان بالإشادة بـ"العمل الكبير" الذي تقوم به فرق الأغلبية النيابية، وتوجيه التحية إلى "المعارضة الجادة والبناءة". إلا أن تقارير كشفت عن ضعف تفاعل رئيس الحكومة مع الأسئلة البرلمانية، حيث لم يجب عزيز أخنوش على أي من أسئلة النواب، وفقًا لتقرير صادر عن جمعية "طفرة".
في ظل هذه الانتقادات المتزايدة، يتساءل مراقبون عما إذا كانت الحكومة ستراجع أسلوبها في التواصل، وتكف عن تقديم صورة "مثالية" لعملها، أم إنها ستواصل اعتماد "لغة الخشب" التي أصبحت محل تندّر واسع. ويؤكد العديد من المتابعين أن المطلوب اليوم ليس فقط "التنويه" و"التثمين"، بل الاعتراف بالمشاكل والعمل على معالجتها بواقعية، بدلًا من "تهنئة الذات" على إنجازات لا يلمسها المواطن في حياته اليومية.