الجزائر: تسعى الجزائر إلى تعزيز علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات، وفق ما أكده السفير الجزائري في واشنطن، صبري بوقادوم، الذي شدد على أهمية تعميق التعاون العسكري والأمني بين البلدين. وأشار بوقادوم في حوار مع موقع "يو أس آي توداي بيزنس" إلى أن مذكرة التفاهم التي وقّعتها الجزائر مؤخراً مع وزارة الدفاع الأميركية عبر "أفريكوم" ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون الأمني، موضحاً أن هذا التعاون يشمل مجالات البحث والإنقاذ وتبادل المعلومات الاستخباراتية، إضافة إلى التنسيق الأمني في منطقة الساحل.
على الصعيد الاقتصادي، أكد السفير أن الولايات المتحدة تظل شريكاً أساسياً للجزائر، خاصة في قطاع الطاقة، حيث يمتد التعاون الاستراتيجي بينهما لأكثر من 60 عاماً. وأوضح أن الاستثمارات الأمريكية في الجزائر تتوسع لتشمل قطاعات الزراعة والطاقة المتجددة، مما يعكس اهتماماً متزايداً بالسوق الجزائرية. ويتزامن هذا مع حضور وفد من شركة "شيفرون" النفطية إلى الجزائر لمواصلة مفاوضات استغلال رقع نفطية في الصحراء، عقب توقيع اتفاقية لاستكشاف مناطق نفطية على طول الساحل الجزائري المطل على البحر المتوسط.
وتعمل الجزائر على استقطاب كبرى الشركات الأمريكية، مثل "أكسيدنتال"، "شيفرون"، و"إكسون موبيل"، حيث دخلت وزارة الطاقة الجزائرية في محادثات مع الأخيرة لتطوير مشاريع في مجال المحروقات. وأوضح بوقادوم أن الولايات المتحدة كانت الشريك التجاري الأكبر للجزائر قبل 15 إلى 20 عاماً، بحجم تبادل تجاري يتراوح بين 18 و20 مليار دولار سنوياً، مشيراً إلى أن النفط الجزائري لا يزال يتمتع بمكانة متميزة نظراً لجودته العالية وانخفاض نسبة الكبريت فيه.
وفي إطار سعيها لتنويع مصادر الطاقة، تستغل الجزائر إمكانات الصحراء الواسعة في إنتاج الطاقة الشمسية، كما تستثمر في الهيدروجين واستكشاف المعادن النادرة. وشدد بوقادوم على أن الجزائر تظل ملتزمة بتعهداتها في مجال أمن الطاقة، حيث لم تتوقف عن تزويد شركائها حتى في أصعب الفترات، مؤكداً استمرارها كمزود موثوق للطاقة لأوروبا والعالم.
من جهة أخرى، تشهد الجزائر اهتماماً متزايداً من المستثمرين الأجانب في قطاعات الزراعة والتعدين، حيث شهدت الفترة الأخيرة استيراد 25 ألف بقرة أميركية لتعزيز الإنتاج الزراعي المحلي. كما تحظى المناطق الصحراوية والشمالية بإمكانات كبيرة في مجال التعدين، ما دفع العديد من المستثمرين إلى الاهتمام بالسوق الجزائرية.
وفيما يتعلق بجذب الاستثمارات، أشار السفير إلى أن الجزائر تسعى إلى تصحيح الصورة النمطية التي تركتها "العشرية السوداء"، مؤكداً أن البلاد باتت اليوم آمنة ومستقرة. كما تشهد السياحة نمواً ملحوظاً، مع تنظيم زيارات لمشغلي السياحة الأجانب لاكتشاف الجزائر، التي تزخر بتراث ثقافي وتاريخي غني، بما في ذلك ثاني أكبر مجموعة من الآثار الرومانية في العالم.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أكد بوقادوم أن الجزائر تلعب دوراً فاعلاً في مجلس الأمن الدولي خلال الفترة 2024-2025، وتسعى إلى تحقيق الاستقرار والسلام على المستوى العالمي. وأوضح أن انتخاب الجزائر لهذا المنصب تم بدعم واسع من الدول الأفريقية والعربية والإسلامية، مما يعكس ثقة المجتمع الدولي بدورها. وتعمل الجزائر على إيجاد حلول للأزمات الدولية، بما في ذلك جهودها لإنهاء العنف في غزة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وأعضاء مجلس الأمن.
كما تولي الجزائر اهتماماً خاصاً لمنطقة الساحل، حيث تركز جهودها على مكافحة الإرهاب وإيجاد حلول طويلة الأمد لتعزيز الاستقرار. ويتواصل انخراطها في القضايا الأفريقية، مثل الأوضاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، حيث تسعى إلى دفع المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات أكثر فعالية.
وفي سياق تطوير العلاقات الثنائية، شهدت الفترة الأخيرة اتصالاً هاتفياً بين وزيري الخارجية الجزائري أحمد عطاف ونظيره الأميركي مارك روبيو، تناول تعزيز التعاون بين البلدين. ورغم الجدل الذي أثير حول تعيين روبيو بسبب مواقفه السابقة، فإن الاتصال بين الطرفين يعكس رغبة متبادلة في الدفع بالعلاقات نحو مزيد من التطور.