الجزائر: أصدرت محكمة الدار البيضاء للجنح بالعاصمة الجزائرية، اليوم الخميس، حكما بالسجن خمس سنوات مع النفاذ، وغرامة قدرها 500 ألف دينار (حوالى 3500 يورو) في حق الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الموقوف منذ نوفمبر بعدة تهم ثقيلة منها “المساس بوحدة الوطن”.
وكان صنصال، قد أحيل الخميس الماضي على نحو مفاجئ على محكمة الجنح بالجزائر العاصمة، بعد نحو 5 أشهر من إيداعه السجن المؤقت، عن وقائع تتعلق بالمساس بوحدة الوطن وعدة تهم أخرى، عقب تصريحاته التي نسب فيها جزءا من التراب الجزائري للمغرب.
وقبل يومين من الحكم، نظم وزراء وسياسيون في باريس وقفة للضغط من اجل المطالبة بإطلاق سراح صنصال، تصدرها وزير الداخلية الذي توعد من جديد باتخاذ إجراءات عقابية ضد الجزائر.
وخلال المحاكمة، التمس وكيل الجمهورية لدى محكمة الجنح بالدار البيضاء في العاصمة، توقيع عقوبة 10 سنوات حبسًا نافذًا وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري بحق صنصال بوعلام، وذلك بتهم المساس بوحدة الوطن، إهانة هيئة نظامية، القيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني، وحيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطني.
ووفق الإعلام الجزائري، بدا صنصال في صحة جيدة عكس ما أثير من قبل محاميه الفرنسي الذي صرح عدة مرات أنه يخشى على حياته. ودافع الكاتب عن نفسه أمام المحكمة وحيدا رافضا اعتماد أي محاكي، مؤكدا أن ما بدر عنه من تصريحات مجرد تعبير عن الرأي، كما يفعل أي مواطن جزائري. وأشار إلى عدم إدراكه لما قد تحمله بعض عباراته من مساس بالمؤسسات الوطنية.
ويأتي الحكم على صنصال في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية أزمة كبرى كانت هذه القضية من بين مسبباتها. وينتظر أن يكون لهذه الإدانة تداعيات كبيرة، في حال بقي الكاتب في السجن فيما رجح البعض فرضية أن يطلق سراحه بعفو رئاسي.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تصريحات أخيرة قبل صدور الحكم، قد أعرب عن ثقته في “بصيرة” الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وقدرته على التعامل بحكمة مع قضية الكاتب بوعلام صنصال.
وقال ماكرون من بروكسل: “لدي ثقة في الرئيس تبون وفي بصيرته لمعرفة أن كل هذا ليس جادًا، وأننا نتعامل مع كاتب كبير وهو فوق ذلك مريض.” وأضاف: “يجب أن يستعيد بوعلام صنصال حريته وقدرته على تلقي العلاج. هذا ما نحارب من أجله.”
وكشف ماكرون أنه تبادل عدة رسائل مع نظيره الجزائري حول هذه القضية، مؤكدًا أنه لن يخلط مصير صنصال مع بقية الملفات المتعلقة بالجزائر، والتي سيتحدث عنها في الوقت المناسب. كما أبدى الرئيس الفرنسي أمله في الوصول إلى حل سريع لهذه القضية، مشددًا على أنها “مسألة إنسانية وإنسانية وكرامة للجميع”.
وفي 16 نوفمبر الماضي، اعتُقل الكاتب الجزائري (الذي حصل على الجنسية الفرنسية قبلها بأشهر) بتهم تتعلق بـ”المساس بأمن الدولة الجزائرية ووحدتها الترابية”، بعد تصريحاته لقناة يمينية متطرفة شكك فيها في أحقية الجزائر لحدودها الحالية. وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي، بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، والتي تعاقب على “الأفعال التي تهدد أمن الدولة” وتعتبرها “أعمالا إرهابية”.
وتسببت هذه القضية في تفاقم الأزمة بين الجزائر وفرنسا، ووصولها إلى أعلى مستوى بعد تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون أن “الجزائر لا يشرفها أن تسجن كاتبا” ما أثار ردود فعل قوية في الجزائر، وحديث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في المقابل ووصفه للكاتب بمجهول الهوية واللص الذي يدعي أن نصف الجزائر مملوك لدولة أخرى.
ويُعرف صنصال الذي شغل منصبا حكوميا رفيعا في الجزائر بداية سنوات الألفين (مدير الصناعة)، بمواقفه الصادمة، حيث لم يتورع عن وصف ثوار الحرب التحريرية الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي بالإرهاب، ناهيك عن الاتهامات الموجهة له بتبني أكثر الأطروحات تطرفا عن الإسلام تحت غطاء محاربة الإسلاماوية.