الرباط – وجهت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها انتقادات حادة لمضامين مشروع القانون رقم 03.23 المتعلق بتعديل قانون المسطرة الجنائية، معتبرة أن بعض التعديلات المقترحة قد تعيق مشاركة المجتمع المدني الجاد في معركة مكافحة الفساد، وتقلص من فعالية الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة.
وفي عرض قدمه أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، شدد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة، على أن التعديلات التي تحيل على تنظيم لاحق غير محدد قد تمس بالمكانة الدستورية والقانونية لجمعيات المجتمع المدني، محذرا من تهميش دورها الحيوي في تتبع قضايا الفساد والمال العام.
وأكد بنعليلو أن السماح للجمعيات الجادة بالانتصاب كطرف مدني ليس مجرد حق بل "واجب معياري"، منتقدا في الوقت ذاته ما وصفه بـ"القيود غير المبررة" التي تفرضها الصيغة الجديدة للمادة السابعة من قانون المسطرة الجنائية، والتي قال إنها تحدّ من دينامية التبليغ والمتابعة القضائية لجرائم الفساد.
كما نبه رئيس الهيئة إلى ما اعتبره تقليصاً غير مبرر لصلاحيات النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية، مشيرا إلى أن المشروع الحالي يفرض "تضييقاً مزدوجاً" على هذه الصلاحيات، مما يُضعف من فعالية الجهود الرامية إلى مكافحة الفساد بشكل شفاف وفعال.
وفي المقابل، رحّب بنعليلو ببعض المقتضيات الإيجابية التي حملها مشروع القانون، خاصة ما يتعلق بأساليب البحث الخاصة، منوها بإدراج التحليل المالي ضمن أدوات التحقيق الجنائي، معتبرا ذلك خطوة متقدمة لمواجهة الجرائم المالية المعقدة.
وأكد المسؤول ذاته أن مكافحة الفساد يجب أن تنطلق من رؤية مندمجة وشاملة، تأخذ بعين الاعتبار حجم تطور الظاهرة على المستويين الكمي والنوعي، داعيا إلى مواءمة التشريع الوطني مع الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وختم بنعليلو مداخلته بالدعوة إلى بلورة خطاب تشريعي يستجيب لتطلعات الفاعلين والرأي العام، ولا يقتصر على مقاربة قانونية تقنية، بل يواكب الرهانات الوطنية والدولية في مجال تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد بجميع أشكاله.