الرباط: فتحت السلطات الترابية بعدد من العمالات التابعة لجهات الدار البيضاء-سطات، مراكش-آسفي، وفاس-مكناس، تحقيقات إدارية دقيقة في ملفات تتعلق بتضارب مصالح وخروقات قانونية منسوبة لعدد من المستشارين الجماعيين، وذلك استجابة لتوجيهات جديدة صادرة عن وزارة الداخلية.
وأكدت مصادر مطلعة أن الولاة والعمال، ومن بينهم مسؤولون عينوا حديثاً، تلقوا تعليمات من الإدارة المركزية لوزارة الداخلية تقضي بضرورة حصر وتتبع حالات التنازع الواضح للمصالح داخل المجالس المنتخبة، بناء على تقارير أولية أنجزتها مصالح داخلية متخصصة، وأخرى وردت من فعاليات محلية ومراسلات رقابية.
وتهم الخروقات المرتكبة، وفق المعطيات ذاتها، مستشارين منتخبين راكموا مخالفات جسيمة لمقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية، خاصة تلك المرتبطة بإبرام اتفاقيات أو صفقات أو عقود مع الجماعة أو مع هيئات تابعة لها، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عبر أقاربهم أو الجمعيات التي ينتمون إليها.
وتتركز الحالات الأكثر تعقيداً بجهة الدار البيضاء-سطات، خصوصاً في إقليمي برشيد ومديونة، حيث كشفت التحريات عن استفادة بعض الأعضاء الجماعيين أو ذويهم من اتفاقيات شراكة في مجال النقل المدرسي، رغم شغلهم مناصب داخل مكاتب الجمعيات المتعاقدة مع الجماعات، في مخالفة صريحة لمبدأ النزاهة والشفافية.
من بين هذه الحالات، حالة مستشار بجماعة قروية قرب حد السوالم، يشغل منصباً داخل جمعية للنقل المدرسي وقّعت اتفاقية مع الجماعة التي يمثلها، إضافة إلى مستشار آخر بجماعة الدروة يكتري محلاً تجارياً من الجماعة نفسها، وزوجته تشغل منصب أمينة مال في جمعية تدير أسطول حافلات للنقل المدرسي بموجب اتفاقية مماثلة.
في برشيد، تتجه الأنظار نحو مستشار جماعي يرتبط بإحدى الجمعيات النشيطة في مجال الوقاية المدنية والإسعافات، يشتبه في استفادته من معدات وآليات ممولة من المال العام، في إطار شراكات بين الجماعة ومؤسسات عمومية، وسط حديث عن قرب تغييره الانتماء السياسي استعداداً للانتخابات المقبلة.
مصادر الجريدة تحدثت كذلك عن لائحة موسعة تشمل مستشارين آخرين يكتشف أنهم يواصلون استغلال محلات تجارية مكتراة من الجماعة رغم انتخابهم كأعضاء داخلها، دون تصحيح وضعياتهم القانونية أو الإعلان عنها، ما يضعهم في حالة تنازع مصالح واضحة.
ويأتي تحريك هذه الملفات تزامناً مع دعوة وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، في مراسلة رسمية، إلى تفعيل مساطر العزل ضد أعضاء الجماعات المتورطين في تضارب مصالح، مشدداً على ضرورة تطبيق القانون التنظيمي 113.14 بحذافيره، لضمان الشفافية داخل المؤسسات المنتخبة.
ووفق مصادر متطابقة، فإن الخطوة تندرج ضمن خطة موسعة لوزارة الداخلية تروم تطهير المجالس المحلية من حالات الفساد الإداري والاختلالات القانونية، في أفق تحصين الاستحقاقات الانتخابية المقبلة من ممارسات مشبوهة تمس بنزاهة التمثيلية الديمقراطية.