الجزائر: فجّر قرار إيداع لونيس سعيدي، الأمين العام للفيدرالية الوطنية لعمال السكك الحديدية في الجزائر، الحبس الاحتياطي يوم 5 يوليوز الجاري، موجة انتقادات سياسية ونقابية، وسط تساؤلات متصاعدة حول واقع الحريات النقابية في البلاد.
وجاء توقيف سعيدي بعد توقيعه إشعارًا بإضراب مفتوح كان مقرراً أن يبدأ يوم 7 يوليوز، للمطالبة بتنفيذ زيادات مجمدة في الأجور، وتحسين ظروف العمل، ومعالجة ما وصفته الفيدرالية بـ"تجاوزات قانونية" مستمرة داخل المؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية.
الإدارة العامة للشركة ردت ببيان اعتبرت فيه الإشعار بالإضراب غير قانوني، مشيرة إلى غياب مسار الوساطة و"موقف فردي لا يُمثّل الأغلبية النقابية"، مؤكدة انفتاحها على الحوار، وداعية العمال إلى تفادي زعزعة استقرار المرفق العمومي.
غير أن توقيف النقابي تزامن مع عيد الاستقلال، ما أضفى على القضية بعداً رمزياً وسياسياً، وفتح باب الانتقادات أمام ما وُصف بمحاولات “تجريم العمل النقابي”.
حزب العمال الجزائري اعتبر في بيان رسمي أن سجن سعيدي "انتهاك للحصانة النقابية ومساس بحق الإضراب"، محذراً من "توجه مقلق نحو تقييد الحريات الدستورية باسم تطبيق القوانين".
من جهته، ندّد حزب "جيل جديد" بما أسماه "تزايد استخدام الآليات القضائية لقمع الأصوات النقابية"، بينما تساءل المحلل السياسي نجيب بلحيمر عن صمت وسائل الإعلام، وغياب التغطية لما وصفه بـ"تطور خطير يستحق النقاش العمومي".
وسبق هذه القضية، بحسب متابعين، سلسلة من الإجراءات القضائية في حق نقابيين بارزين، بينهم مسعود بوديبة وبوبكر هابط، اللذان يخضعان لرقابة قضائية بسبب احتجاجات مطلبية، إضافة إلى ملاحقة النقابية يمينة مغراوي بتهم تتعلق بـ"نشر معلومات تمس بالأمن العمومي".
ويُعاد الجدل في الجزائر بشأن قانون الإضراب الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ عام 2023، ويُتهم بتعقيد المساطر القانونية للاحتجاج السلمي، رغم أن المادة 69 من الدستور تضمن هذا الحق.
وتتواصل الدعوات من هيئات حقوقية ونقابية لإطلاق سراح النقابيين الملاحقين، وتوفير ضمانات قانونية كافية لحماية الحريات النقابية، في وقت تؤكد الحكومة تمسكها بالقانون وضرورة احترام مساطر الإضراب كما ينص عليها التشريع الوطني.