الجزائر تُدخل قانوناً جديداً صارماً لمكافحة المخدرات حيّز التنفيذ

Image description
الأربعاء 16 يوليو 2025 - 14:40 النور TV كريم الموفيد

الجزائر: دخل قانون جديد لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية حيّز التنفيذ في الجزائر، بعد نشره في الجريدة الرسمية، حاملاً جملة من الإجراءات غير مسبوقة تهدف إلى تعزيز الردع والوقاية في مواجهة تصاعد التهديدات المرتبطة بانتشار المواد المخدرة في البلاد.

ويعتبر هذا القانون، الذي أعدته وزارة العدل، من بين أشد النصوص القانونية صرامة في تاريخ التشريع الجزائري، حيث يشمل تدابير شاملة تتراوح بين الملاحقة القضائية والتكفل العلاجي والرقابة الوقائية، مع التركيز على حماية فئة الشباب والتلاميذ من خطر الإدمان.

تحاليل إلزامية للتوظيف والتلاميذ تحت الرقابة الوقائية

من أبرز المستجدات التي جاء بها القانون، إلزامية الخضوع لتحاليل طبية تثبت خلو المترشحين من تعاطي المخدرات في مختلف مسابقات التوظيف، سواء في القطاع العام أو الخاص. كما يتيح القانون للمؤسسات التربوية إجراء اختبارات دورية للكشف المبكر عن حالات التعاطي بين التلاميذ، شرط الحصول على موافقة أوليائهم، مع ضمان عدم متابعة المعنيين قضائياً أو تأديبياً.

علاج تحت الرقابة القضائية ومتابعة بعد الإفراج

وفي ما يخص التكفل بالمُدمنين، ينص القانون على إحالة المعنيين إلى مؤسسات متخصصة بإشراف طبي وبأمر قضائي، مع إلزام الطبيب المعالج بتقديم تقارير دورية عن تطور الحالة. وبعد انتهاء فترة العلاج، تُفرض مراقبة طبية قد تمتد إلى سنة كاملة، لضمان إعادة التأهيل والاندماج.

ويشدد النص على دور المؤسسات السجنية في مواكبة إعادة الإدماج الاجتماعي للمفرج عنهم، من خلال التنسيق مع الجهات المختصة.

عقوبات مشددة تصل إلى الإعدام

في الجانب الزجري، رفع القانون سقف العقوبات إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تصل إلى الإعدام في حالات معينة، لاسيما عند استهداف القُصّر أو ارتكاب الجريمة قرب المؤسسات التعليمية. كما يغلّظ العقوبة على مروّجي "المخدرات الاصطناعية الصلبة"، لتصل إلى المؤبد أو الإعدام بحسب الحالات.

وبالنسبة للسوابق، تنص التعديلات على تطبيق العقوبات القصوى عند العود، حيث يُحكم بالإعدام على من سبق الحكم عليه بالمؤبد، ويُدان بالمؤبد كل من أعيدت إدانته بعد عقوبة سالبة للحرية تتراوح بين 20 و30 سنة.

إجراءات ردعية مكمّلة وغرامات ثقيلة

إضافة إلى العقوبات السجنية، يفرض القانون غرامات مالية قد تصل إلى مليوني دينار جزائري على المتورطين في تبييض أو تحويل الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات. كما يسمح بإغلاق مؤسسات تُرتكب فيها هذه الجرائم، ونشر الأحكام في وسائل الإعلام أو في الأماكن العامة.

وفي إجراء مثير للجدل، أجاز القانون سحب الجنسية الجزائرية المكتسبة من المتورطين في جرائم خطيرة متعلقة بالمخدرات، إلى جانب منع الإقامة نهائياً أو مؤقتاً في الجزائر للأجانب المدانين.

تحقيقات مالية وتحفيزات للمُبلّغين

أعطى القانون الجديد صلاحيات موسعة للجهات الأمنية والقضائية، من بينها فتح تحقيقات مالية موازية لتتبع مصادر الأموال داخل وخارج البلاد، إلى جانب الحجز التحفظي ومنع السفر للمتهمين. كما يسمح بنشر صور وهوية المتورطين في الجرائم الخطيرة بهدف الردع العام.

ويشجع النص الجديد المواطنين على التعاون مع الجهات المختصة، من خلال تخصيص مكافآت وتحفيزات لكل من يبلّغ عن مرتكبي جرائم المخدرات أو يساعد في تفكيك الشبكات.

أرقام مقلقة حول الانتشار والترويج

وتأتي هذه الخطوة التشريعية في وقت تكشف فيه الإحصائيات الرسمية عن أرقام مقلقة. فقد تم خلال سنة 2024 تسجيل أكثر من 130 ألف قضية تتعلق بالمخدرات، تورط فيها ما يزيد عن 143 ألف شخص. كما تم ضبط أكثر من 5.7 أطنان من الحشيش و570 كيلوغراماً من الكوكايين، إضافة إلى 11 مليون قرص مهلوس.

ووفقاً لأجهزة الأمن الجزائرية، تُعدّ الحدود مع المغرب المصدر الأول لتهريب الحشيش، بينما تتدفق المواد المهلوسة عبر الحدود الشرقية، والكوكايين والهيروين من الجنوب.

ويُنظر إلى هذا القانون الجديد كجزء من رؤية وطنية متكاملة لمكافحة المخدرات، تجمع بين الحزم الأمني، والوقاية المجتمعية، والتأهيل العلاجي، بهدف التصدي لواحدة من أخطر الآفات التي تهدد استقرار المجتمع الجزائري.

الأكثر قراءة