الرباط – واصل المنتخب المغربي لكرة القدم للسيدات تألقه القاري، ببلوغه نهائي كأس أمم إفريقيا 2025، في إنجاز ثانٍ على التوالي بعد نهائي 2022، ما يعكس التطور الكبير الذي تشهده الكرة النسوية في المملكة خلال السنوات الأخيرة.
وخاضت لبؤات الأطلس نهائي النسخة الـ15 من البطولة، التي احتضنها المغرب ما بين 5 و26 يوليوز الماضي، حيث قدّمن مباراة قوية أمام المنتخب النيجيري، قبل أن يخسرن بنتيجة 2-3، رغم تقدّمهن في الشوط الأول بهدفين دون رد. ونجحت سيدات نيجيريا، المتوجات بعشرة ألقاب قارية، في قلب النتيجة وتحقيق ريمونتادا حاسمة منحت لهن اللقب الحادي عشر.
وكان المنتخب المغربي قد بلغ نهائي نسخة 2022 أيضاً، وخسر آنذاك أمام جنوب إفريقيا بنتيجة 1-2 في ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، في أول نهائي قاري في تاريخه.
ورغم خسارة النهائيين، يُنظر إلى نتائج اللبؤات باعتبارها دليلاً على التقدم الكبير الذي عرفته الكرة النسوية في المغرب، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، وهو ما أكد عليه إدريس عبيس، الباحث المتخصص في الشأن الرياضي، موضحاً أن المغرب أصبح رقماً صعباً في الساحة الإفريقية النسوية.
تراكم التجربة ومسار التصعيد
قبل نهائيي 2022 و2025، كانت مشاركة المغرب في بطولات أمم إفريقيا للسيدات تقتصر على نسختي 1998 و2000، دون تسجيل حضور يُذكر، حيث اكتفى بفوز واحد واستقبلت شباكه 22 هدفاً، مقابل تسجيل 5 فقط.
لكن التحول الحقيقي انطلق مع تأسيس البطولة الوطنية للسيدات سنة 2001، ما أسهم تدريجياً في توسيع قاعدة الممارسة، وتعزيز البنية التحتية الخاصة بكرة القدم النسوية، سواء من خلال توفير ملاعب ملائمة أو تحسين ظروف التكوين داخل الأندية.
ويُعد فريق الجيش الملكي النسوي الأكثر تتويجاً على الصعيد المحلي بـ12 لقباً، إضافة إلى تتويجه بدوري أبطال إفريقيا للسيدات سنة 2022، بينما يواصل النادي البلدي للعيون والنادي النسوي برشيد مطاردة الصدارة بأربعة وثلاثة ألقاب توالياً.
مشاريع لتأهيل اللاعبات وتوسيع قاعدة الممارسة
في سنة 2020، أطلقت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم استراتيجية وطنية لتطوير كرة القدم النسوية، تستند إلى ثلاثة محاور رئيسية: التكوين، الاحتراف، وتوسيع قاعدة الممارسة. ويتجلّى أثر هذه الخطة في تضاعف عدد اللاعبات المسجلات، وتزايد عدد مراكز التكوين التابعة للأندية.
وفي هذا الإطار، دعت أصوات رياضية، من بينها إدريس عبيس، إلى إحداث أكاديمية وطنية متخصصة في كرة القدم النسوية، على غرار أكاديمية محمد السادس، التي أصبحت نموذجاً ناجحاً على مستوى التكوين وإنتاج المواهب في كرة القدم الرجالية.
إشعاع دولي ومشاركة مونديالية
عزّز المنتخب المغربي للسيدات إشعاعه الدولي بمشاركته الأولى في نهائيات كأس العالم للسيدات بأستراليا ونيوزيلندا سنة 2023، حيث بلغ الدور الثاني من المنافسة، وهو إنجاز غير مسبوق على المستوى العربي والإفريقي.
وتزامن تطور الكرة النسوية مع الطفرة النوعية التي تعرفها الكرة المغربية عامة، إذ حقق المنتخب الأول للرجال المركز الرابع في مونديال قطر 2022، كما يضم نخبة من اللاعبين المحترفين في أبرز الدوريات الأوروبية.
بهذا المسار التصاعدي، تؤكد كرة القدم المغربية –نسائية ورجالية– موقعها كقوة صاعدة على الصعيدين القاري والدولي، في ظل استراتيجية شاملة تدمج الرؤية التقنية، والبنية التحتية، والتخطيط طويل المدى.