غزة: استشهد مراسلا قناة الجزيرة في مدينة غزة أنس الشريف ومحمد قريقع، مساء الأحد، إثر قصف إسرائيلي استهدف خيمة للصحافيين بمحيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة شمال القطاع.
واستهدفت مسيرة إسرائيلية خيمة للصحافيين بمحيط مستشفى الشفاء يوجد بها صحافيون فلسطينيون بينهم أنس الشريف ومحمد قريقع.
“لاتنسوا غزة وكونوا جسورا لتحرير فلسطين” .. وصية أنس الشريف قبل اغتياله
كعادته في ترك بصمة متميزة في كل مكان وطأته قدماه خلال حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة على مدار 22 شهرا، أبى الصحافي أنس الشريف مراسل قناة الجزيرة أن يرحل دون ترك بصمة حتى بعد اغتياله، عبر وصية أبكت كل من قرأها.
وعقب اغتيال الشريف بصاروخ إسرائيلي استهدفه و4 من زملائه بطاقم الجزيرة في مدينة غزة، نشرت إدارة حسابه بموقع “إكس” وصيته التي كتبها في أبريل/نيسان الماضي، وأوصى فيها الشريف بعدم نسيان غزة وتحرير فلسطين وعدم الاستسلام للاحتلال.
وفيما يلي نص الوصية:
“هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة. إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي. بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبّتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة “المجدل” لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ. عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرّض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف. أوصيكم بفلسطين، درةَ تاجِ المسلمين، ونبضَ قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم. أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران. أوصيكم ألّا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمسُ الكرامة والحرية على بلادنا السليبة. أُوصيكم بأهلي خيرًا، أوصيكم بقُرّة عيني، ابنتي الحبيبة شام، التي لم تسعفني الأيّام لأراها تكبر كما كنتُ أحلم. وأوصيكم بابني الغالي صلاح، الذي تمنيت أن أكون له عونًا ورفيق دربٍ حتى يشتدّ عوده، فيحمل عني الهمّ، ويُكمل الرسالة. أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلتُ لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي. أدعو الله أن يُربط على قلبها، ويجزيها عنّي خير الجزاء. وأوصيكم كذلك برفيقة العمر، زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرّقتنا الحرب لأيامٍ وشهورٍ طويلة، لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكلّ قوّة وإيمان. أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سندًا بعد الله عز وجل.
الجزيرة: اغتيال إسرائيل لمراسلينا محاولة لإسكات الأصوات قبل احتلال غزة
أدانت شبكة الجزيرة القطرية، فجر الإثنين، الاغتيال الإسرائيلي “المدبر” لمراسليها ومصوريها في قطاع غزة، معتبرة أنها “محاولة يائسة لإسكات الأصوات استباقا لاحتلال غزة”.
وفي أول تعليق على الحادث، قالت شبكة الجزيرة في بيان: “ندين الاغتيال المدبر لمراسلينا أنس الشريف ومحمد قريقع والمصورين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل”.
وأضافت أن “الأمر بقتل أنس الشريف أحد أشجع صحافيي غزة وزملائه محاولة يائسة لإسكات الأصوات استباقا لاحتلال غزة”.
ولفتت الجزيرة في بيانها إلى أن “العديد من مسؤولي جيش الاحتلال الإسرائيلي كرروا تحريضهم ودعواتهم لاستهداف أنس الشريف ورفاقه”، محملة “جيش الاحتلال وحكومته مسؤولية استهداف واغتيال فريقها”.
وأضاف البيان أن “اغتيال مراسلينا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوم جديد سافر ومتعمد على حرية الصحافة”.
وقالت إن “قتلة الصحفيين استهدفوا بإقرار منهم عبر بيان الجيش الإسرائيلي خيمة صحفيي الجزيرة عند مجمع الشفاء”.
ونوّه البيان إلى أن “الهجوم على صحافيي الجزيرة جاء وسط كارثة إنسانية مروعة خلفها العدوان الإسرائيلي والذي يشهد مجازر”.
وقالت لجنة حماية الصحافيين الشهر الماضي إنها قلقة للغاية على سلامة الشريف وقالت إنه كان “مستهدفا بحملة تشويه من قبل الجيش الإسرائيلي”.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قتل صحافي الجزيرة أنس الشريف في غارة جوية على مدينة غزة اليوم الأحد، متهما إياه بقيادة خلية تابعة لحركة حماس.
وأضاف جيش الاحتلال زاعما في بيان “كان أنس الشريف قائدا لخلية إرهابية في حركة حماس الإرهابية، وكان مسؤولا عن إطلاق صواريخ على المدنيين الإسرائيليين وقوات الجيش الإسرائيلي”.
ولم يتوقف المراسلان منذ بدء الحرب عن نقل الصورة في قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل للقطاع منذ 22 شهر.
وكان الشريف من أول المراسلين الذين ينتقلون إلى مناطق القصف لنقل الصورة وتجسيد الواقع لحظة بلحظة، وخاصة من المناطق الشمالية، ونفس الأمر بالنسبة لقريقع.
حماس: اغتيال إسرائيل صحافيي الجزيرة جريمة تتجاوز كل حدود الفاشية
من جهتها، قالت حركة حماس، مساء الأحد، إن اغتيال إسرائيل لصحافيي قناة الجزيرة، يعد “جريمة وحشية تتجاوز كل حدود الفاشية”.
ونعت الحركة، في بيان نشرته على منصة “تلغرام”: “الشهداء الذين ارتقوا في الغارة على خيمة الصحافيين في مستشفى الشفاء، وهم: مراسلا الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع، والمصوران إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة، ومساعد المصور محمد نوفل”.
وقالت إن الصحافيين الخمسة التحقوا بـ 232 صحافياً قتلتهم إسرائيل منذ بدء الحرب، في أوسع استهداف للصحافيين يشهده العالم، مؤكدة أن العملية جاءت بعد تهديدات مباشرة للضحايا في محاولة لإسكات صوت الحقيقة.
وأكدت إن “الاستهداف المتواصل للصحافيين في قطاع غزة، هو رسالة إرهاب إجرامي للعالم بأسره، ومؤشر على انهيار كامل لمنظومة القيم والقوانين الدولية”.
واعتبرت أن “الصمت الدولي شجع الاحتلال على المضي في قتل الصحافيين دون رادع أو محاسبة”.
كما حذرت من أن “اغتيال الصحافيين وترهيب من تبقّى منهم، يمهّد لجريمة كبرى يخطط الاحتلال لارتكابها في مدينة غزة، بعد إسكات صوتها الإعلامي، ليستفرد بأهلها وينفّذ مجازره بعيداً عن أعين العالم”.
وطالبت المجتمع الدولي ومجلس الأمن بإدانة الجريمة ووقف الانتهاكات ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم ضد الإنسانية.
ارتفاع عدد الشهداء الصحافيين بغزة إلى 237 منذ بدء الإبادة الإسرائيلية
و أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، ارتفاع عدد الشهداء الصحافيين إلى 237 صحافيا، منذ بداية الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023، وذلك إثر استشهاد مراسلي قناة الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع، وثلاثة آخرين من طاقم القناة.
ويأتي استشهاد الشريف وزملائه، بعد يومين من إقرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي فجر الجمعة، خطة لاحتلال قطاع غزة بالكامل، ضمن حرب إبادة جماعية مستمرة للشهر الـ22.
وأدان المكتب الإعلامي لحكومة غزة في بيان، بأشد العبارات “الجريمة الوحشية البشعة والمروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال “الإسرائيلي” باغتيال خمسة من الصحافيين عقب قصف مباشر لخيمة الصحافيين بمحيط مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
وقال إن “الزملاء الذين اغتالتهم يد الغدر الإسرائيلية هم: الصحافي أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة، والصحافي محمد قريقع، مراسل قناة الجزيرة، والصحافي إبراهيم ظاهر، مصور صحافي، والصحافي مؤمن عليوة، مصور صحافي، والصحافي محمد نوفل، مساعد مصور صحافي”.
وأضافت البيان أن “عملية الاغتيال تمت مع سبق الإصرار والترصد بعد استهداف مقصود ومتعمد ومباشر لخيمة الصحافيين في محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وقد أسفرت هذه الجريمة النكراء أيضاً عن إصابة عدد من الزملاء الصحافيين الآخرين”.
وتابع أنه “باغتيال الاحتلال للزملاء الصحافيين الخمسة يرتفع عدد الشهداء الصحافيين الذين اغتالهم الاحتلال في قطاع غزة خلال الإبادة الجماعية وحتى الآن إلى 237 صحافياً شهيداً”.
ولفت البيان إلى أن “استهداف طائرات الاحتلال الصحافيين والمؤسسات الإعلامية جريمة حرب مكتملة الأركان، تهدف لإسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية، وهي تمهيد لخطة الاحتلال الإجرامية للتغطية على المذابح الوحشية الماضية والقادمة التي نفّذها وينوي تنفيذها في قطاع غزة”.
وحملت حكومة غزة في بيانها، “الاحتلال “الإسرائيلي”، والإدارة الأمريكية، وكافة الدول المنخرطة في الإبادة الجماعية، المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم الممنهجة بحق الصحافيين والإعلاميين في قطاع غزة”.
وطالب البيان “الاتحاد الدولي للصحافيين، واتحاد الصحافيين العرب، وجميع الأجسام الصحافية والحقوقية الدولية في كل أنحاء العالم، بإدانة هذه الجرائم والتحرك العاجل لتأمين الحماية الكاملة للصحافيين الفلسطينيين والمؤسسات الإعلامية في غزة، وضمان محاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم ضد حرية الصحافة والحق في الوصول إلى المعلومات”.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة 61 ألفا و258 شهيدا فلسطينيا و152 ألفا و45 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 2017 شخصا، بينهم 100 طفلا.