الجزائر: تحولت حادثة وصول سبعة مراهقين جزائريين إلى جزيرة إسبانية على متن قارب مسروق، إلى قضية سياسية واجتماعية بارزة داخل الجزائر، بعدما فجّرت موجة واسعة من ردود الفعل في الأوساط البرلمانية والحزبية والحقوقية.
النائب أحمد صادوق، الرئيس الأسبق للكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم، دعا إلى عقد جلسة عامة في البرلمان لمناقشة ظاهرة الهجرة غير النظامية، معتبراً أن ما وقع يمثل نتيجة لفشل جماعي تتحمله الأسرة والمدرسة والإعلام والمؤسسات الدينية والسياسية. وأكد أن مواجهة الظاهرة تستدعي خطة وطنية متكاملة، تشمل حملات توعية على المستوى المحلي، واستغلال الدخول المدرسي الحالي في التحسيس بخطورة “الحرقة”، مع إشراك مختلف الفاعلين من جمعيات وإعلاميين وأئمة ومؤثرين.
المقترح حظي بدعم برلمانيين آخرين من الحزب نفسه، بينهم عبد الوهاب يعقوبي، الذي شدد على أن “التجاهل لم يعد ممكناً” وأن معالجة الملف تتطلب إرادة سياسية جماعية ورؤية استراتيجية لإعادة الأمل للشباب.
في المقابل، اتخذت أصوات أخرى منحى أكثر نقدية، إذ حمّل عثمان معزوز، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، السلطة مسؤولية مباشرة عن المأساة، معتبراً أن إبحار قوارب سرية محملة بالمراهقين يعكس فشل السياسات الرسمية ويشكّل “تصويتاً ضد النظام”.
بدوره، رأى المؤرخ حسني قيطوني أن الظاهرة تعبّر عن أزمة بنيوية تعيشها البلاد منذ عقود، لافتاً إلى أن البحث عن متهم بعينه لا يجدي، لأن المسؤولية جماعية، بينما اعتبر المحامي هشام ساسي أن الإقدام على هذه المغامرة الانتحارية يعكس يأساً متجذراً لدى الشباب، تغذيه خطابات الإحباط السائدة في المجتمع.
وتجمع مختلف المواقف على أن الحادثة لم تعد مجرد واقعة معزولة، بل أصبحت مؤشراً على أزمة ثقة عميقة بين الشباب ومؤسسات الدولة والمجتمع، الأمر الذي يضع السلطات أمام تحدي بلورة حلول فعلية تعيد الأمل وتحد من نزيف الهجرة السرية.