الرباط: في خطوة جديدة تكشف ارتباكها الدبلوماسي وتراجع نفوذها على الساحة الدولية، حاولت جبهة البوليساريو الانفصالية إعادة إحياء ملف الصحراء المغربية داخل أروقة الاتحاد الإفريقي، في مسعى لتجاوز المسار الأممي الذي يظل الإطار الوحيد المعترف به دوليًا لتسوية هذا النزاع الإقليمي.
وخلال احتفالية أقيمت بمناسبة ما تسميه الجبهة “الذكرى الخمسين للوحدة الوطنية”، دعا زعيمها إبراهيم غالي الاتحاد الإفريقي إلى “الانخراط في حل النزاع بما يتماشى مع مبادئه التأسيسية”، متحدثًا عن “استعداد الجبهة للعمل مع المغرب في إطار المنظمة القارية”. كما انتقد ما وصفه بـ“المحاولات الخطيرة لتغيير الطبيعة القانونية للقضية”، في إشارة إلى الموقف الدولي الداعم للمسار الأممي تحت إشراف مجلس الأمن.
ويرى مراقبون أن الخطاب الأخير لغالي يعكس حالة الارتباك السياسي والدبلوماسي التي تعيشها الجبهة بعد سلسلة من الهزائم المتتالية على المستويين الأممي والإقليمي، خاصة في ظل تزايد الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وتنامي عزلة الجبهة في إفريقيا.
خطاب إبراهيم غالي يحمل سمات الخطاب الدفاعي التبريري أكثر من كونه خطابًا سياسيًا استراتيجيًا. فهو يحاول من جهة الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلي عبر الإيحاء بوجود “جبهة دبلوماسية جديدة” في الاتحاد الإفريقي، ومن جهة أخرى يسعى إلى كسب شرعية مؤسساتية بعد أن فقدت البوليساريو كثيرًا من وزنها داخل الأمم المتحدة.
كما أن الإشارة إلى “العمل مع المغرب في إطار الاتحاد الإفريقي” تعكس تحولًا في لهجة الخطاب الانفصالي، إذ لم يعد يتحدث عن “صراع وجودي” بقدر ما يحاول خلق واجهة حوار موازية، في وقت تؤكد فيه الرباط بوضوح أن الحل السياسي لا يمكن أن يتم إلا في إطار الأمم المتحدة ووفق مبادرة الحكم الذاتي.
وبذلك، يظهر أن الجبهة تحاول نقل النقاش من مسار أممي محسوم لصالح المغرب إلى فضاء إفريقي محدود التأثير، في محاولة لاستعادة حضورها السياسي والإعلامي، لكنها في الواقع تعمّق عزلتها وتؤكد فقدانها لأي رؤية استراتيجية واقعية.