الرباط: انتقد الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي، السياسات الاقتصادية المتبعة من لدن حكومة عزيز أخنوش، وذلك بسبب غياب رؤية سياسية واقتصادية واضحة تسعى إلى تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.
وأكد نجيب أقصبي بأن الحكومة تروج لشعارات كبيرة مثل «الدولة الاجتماعية»، لكنها تفتقر إلى الإجراءات الكفيلة بتحقيقها على أرض الواقع.
وأوضح الخبير الاقتصادي بأن المغرب يعيش منذ سنوات في «فخ الدين»، حيث تلتهم خدمة الدين نسبة تفوق 20 في المئة من ميزانية الدولة سنويًا، ما يؤدي إلى تقليص الموارد الموجهة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. واعتبر أن الاقتراض المتواصل، الذي يهدف فقط لتسديد فوائد الديون السابقة، يعكس إخفاق السياسات الحكومية في إيجاد حلول مستدامة. وأكد أن هذا النهج لا يخدم سوى المؤسسات المالية الدولية والدائنين، بينما تُحرم القطاعات الحيوية من التمويل اللازم.
إما بخصوص طريقة إدارة الحكومة للنفقات العمومية، فال المتحدث في حوار مع مجلة «تشالنج»، بأن هيمنة النفقات التشغيلية وعدم توجيه الموارد نحو الاستثمارات الحقيقية يعكسان افتقار الحكومة إلى رؤية واضحة للتنمية. كما انتقد ما وصفه بـ»الاستثمارات الاستعراضية» و»غير المجدية»، مثل بناء مشاريع ضخمة دون دراسة جدوى كافية، مثل البنية التحتية غير المستغلة والسدود التي تفتقر إلى المياه، بدلًا من الاستثمار في قطاعات مثل التعليم والصحة. وأكد أن هذه السياسات تُعمّق أزمة الثقة بين الدولة والمواطنين، في ظل استمرار معاناة الفئات الهشة من نقص الخدمات الأساسية. واعتبر أن هذا التوجه يخدم أهدافًا سياسية، أكثر مما يخدم احتياجات المواطنين.
وفيما يتعلق بالوظيفة العمومية، نفى أقصبي صحة الادعاءات بشأن تضخم القطاع العام، موضحًا أن عدد الموظفين في المغرب يُعد منخفضًا مقارنة بالمعايير الدولية. وأوضح أن النقص في الكوادر البشرية في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم يُلحق ضررًا كبيرًا بجودة الخدمات المقدمة.
في السياق الضريبي، وصف الخبير الاقتصادي النظام الضريبي بأنه «غير عادل وغير فعال»، حيث يعتمد بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة التي تُثقل كاهل الفئات الفقيرة. وأضاف أن الامتيازات الضريبية تُمنح بشكل غير متوازن للشركات الكبرى، بينما تعاني الطبقة الوسطى والشركات الصغيرة والمتوسطة من ضغوط متزايدة. وشدد على أن غياب العدالة الاجتماعية في النظام الضريبي يُعد انعكاسًا لسياسات حكومية تفتقر إلى التخطيط والإنصاف.
وفيما يتعلق بمفهوم «الدولة الاجتماعية»، أكد أقصبي أن هذا المفهوم لا يتجاوز حدود الخطابات الإعلامية، حيث تستمر الحكومة في الاقتراض لتمويل برامج اجتماعية مؤقتة، عوض اعتماد سياسات مستدامة تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن غياب إصلاح ضريبي حقيقي يعزز هذه الفجوة ويحد من قدرة الدولة على تمويل خدماتها الأساسية. واختتم أقصبي حواره مع مجلة «تشالنج» بالدعوة إلى إصلاحات جذرية وشاملة تشمل تعزيز العدالة الضريبية، وتحسين إدارة النفقات العمومية، وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية مثل التعليم والصحة. واعتبر أن هذه الإصلاحات لن تكون ممكنة دون إرادة سياسية حقيقية تسعى إلى تغيير النموذج التنموي الحالي. وأكد أن استمرار السياسات الاقتصادية الراهنة سيؤدي إلى تفاقم الأزمات، ما لم يتم تبني رؤية جديدة تضع مصلحة المواطن في صلب الاهتمامات الحكومية.