باريس: تشهد العلاقات الفرنسية-الجزائرية تصعيداً ملحوظاً، حيث صعّد مسؤولون فرنسيون بارزون من لهجتهم ضد السلطات الجزائرية، معتبرين أن قرارات الجزائر الأخيرة تمثل "إهانة" لفرنسا. جاء ذلك عقب رفض الجزائر استقبال شخصية مؤثرة تم طردها من فرنسا، ما أثار موجة من ردود الأفعال الحادة على أعلى المستويات السياسية في باريس.
تصريحات وزارية نارية
في هذا السياق، دعا وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان إلى إلغاء امتياز السفر لحاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية إلى فرنسا دون تأشيرة. وأوضح في حديثه لقناة "LCI" أن هذا الامتياز، القائم منذ عام 2013 ويشمل آلاف المسؤولين الجزائريين، بات يتطلب مراجعة عاجلة. واعتبر دارمانان أن هذه الخطوة لن تؤثر على الجالية الجزائرية أو الفرنسيين من أصول جزائرية، مؤكداً على الروابط الثقافية والتاريخية التي تجمع بين البلدين.
كما أشار الوزير إلى إمكانية مراجعة أو حتى إلغاء اتفاقية 1968 التي تنظم وضع الجزائريين في فرنسا، معتبراً أنها "قديمة" وتحتاج إلى تحديث. وفي تصريحاته، شدد دارمانان على ضرورة احترام متبادل بين البلدين، قائلاً: "الجزائر بلد ذو سيادة، لكن عليها أيضاً أن تحترم فرنسا كما نحترمها".
تهديدات بمزيد من الإجراءات
من جانبه، صرح مانويل فالس، رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق، أن الجزائر قد تواجه خسائر كبيرة إذا استمرت في التصعيد مع فرنسا. واعتبر أن التصرفات الجزائرية تهدف لتحقيق مكاسب داخلية على حساب العلاقات الثنائية. وألمح فالس إلى احتمال تقليص المساعدات التنموية أو فرض قيود إضافية على التأشيرات كوسيلة للضغط.
في سياق متصل، دعا غابريال أتال، رئيس الوزراء الفرنسي السابق ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب "النهضة"، إلى اتخاذ خطوات أكثر حزمًا ضد الجزائر. وأشار في مقال نشرته صحيفة "لوفيغارو" إلى ضرورة إلغاء اتفاقية 1968 وتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين. كما اقترح إلغاء اتفاقية عام 2007 التي تمنح كبار الشخصيات الجزائرية حرية السفر إلى فرنسا دون قيود.
أضاف أتال أن فرنسا يجب أن تستخدم السلاح التجاري، من خلال التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لفرض تعريفات جمركية أعلى على الجزائر، مؤكداً أن هذه الإجراءات ستعزز موقف فرنسا وتحمي سيادتها.
ردود جزائرية حازمة
في المقابل، وصف عبد العزيز رحابي، الوزير والدبلوماسي الجزائري السابق، التصريحات الفرنسية بأنها "رقصة التافهين"، مؤكداً أن هذه النبرة العسكرية والمتعجرفة لا تعكس أزمة دبلوماسية حقيقية. وأضاف في تغريدة عبر منصة "إكس" أن النهج الفرنسي تجاه الجزائر أصبح أولوية سياسية دون مبررات واضحة، مما يعمق التوترات ويغذي أزمات متكررة بين البلدين.
كما أشار رحابي إلى تصاعد الشعبوية في فرنسا ودول أوروبية أخرى ذات ماضٍ استعماري، مؤكداً أن هذا الخطاب يغذي ذاكرة سلبية لدى النخب السياسية والإعلامية، ما يفاقم التوترات بدلاً من حلها.