كشفت شركة النقل البحري الإسبانية "باليريا" أمس الخميس، خلال مشاركتها في معرض "فيتور" الدولي للسياحة، عن مشروعها الرائد لإطلاق أول ممر بحري يعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية بين ميناء طريفة الإسباني وميناء طنجة المدينة.
وتمثل هذه الخطوة نقلة نوعية في مجال النقل البحري المستدام، حيث ستشغل الشركة سفينتين توأمتين تعملان بالكهرباء بنسبة 100%، دون أي انبعاثات كربونية، مما يجعل هذا الخط أول ممر بحري صديق للبيئة يربط بين أوروبا وإفريقيا.
و حصلت "باليريا" على عقد إدارة هذا الخط البحري لمدة 15 عامًا من الهيئة المينائية لخليج الجزيرة الخضراء (APBA)، مع التركيز على معايير الاستدامة والابتكار، و يتضمن المشروع بناء سفينتين حديثتين في أحواض بناء السفن "أرمون" الإسبانية، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية للموانئ، بما في ذلك أنظمة الشحن الكهربائي المتطورة، و ستتميز السفينتان التوأمتان بقدرة كهربائية تصل إلى 16 ميجاوات، مع بطاريات بسعة إجمالية تبلغ 11,500 كيلوواط/ساعة، مما يسمح بإتمام الرحلة البحرية البالغة 18 ميلًا بحريًا دون أي انبعاثات، كما ستكون السفن مجهزة بمولدات احتياطية تعمل بالديزل بقدرة 11,200 كيلوواط لاستخدامها في حالات الطوارئ فقط.
وأكد أدولفو أوتور، رئيس شركة "باليريا"، أن هذه السفن ستكون خالية تمامًا من الكربون، متجاوزة بذلك الأهداف البيئية المقررة لعام 2050. وأضاف أن الدفع الكهربائي سيقلل من الضوضاء والاهتزازات، مما يوفر تجربة سفر أكثر راحة للركاب. لضمان كفاءة التشغيل، سيتم تركيب بطاريات أرضية بسعة 8 ميجاواط/ساعة في كل من ميناء طريفة وطنجة المدينة، بالإضافة إلى أنظمة OPS (Onshore Power System) التي تتيح شحن البطاريات خلال توقف السفن لمدة ساعة في الميناء.
ويأتي هذا المشروع نتيجة تعاون وثيق بين القطاعين العام والخاص، بمشاركة شركات رائدة في مجالات الهندسة والطاقة مثل "كوتينافال" و"إنديسا" و"أمانديس" و"Incat Crowther". وأشار أوتور إلى أن هذا الممر البيئي يعزز العلاقات التاريخية والثقافية والاقتصادية بين إسبانيا والمغرب، معربًا عن طموحه في تحويل هذا الخط إلى مركز جذب للاستثمارات والتنمية الاقتصادية المحلية.
وحظي المشروع بدعم كبير من المسؤولين في كلا البلدين، وأشادت كريمة بنيعيش، سفيرة المغرب في إسبانيا، بالمشروع، مؤكدة أنه سيعزز العلاقات الثنائية ويدعم الترشيح المشترك لإسبانيا والمغرب لاستضافة كأس العالم 2030. من جهته، أكد خوسيه أنطونيو سانتانو، كاتب الدولة للنقل والتنقل المستدام في إسبانيا، أن إزالة الكربون من قطاع النقل هي أولوية للحكومة الإسبانية، معتبرًا مشروع "باليريا" نموذجًا يحتذى به في هذا المجال. كما توقع أرتورو بيرنال، وزير السياحة في منطقة الأندلس، أن يسهم المشروع في زيادة عدد السياح، متوقعًا وصول عدد الركاب إلى 4 ملايين سنويًا.
وأوضح خراردو لاندالوسي، رئيس الهيئة المينائية لخليج الجزيرة الخضراء، أن الاستثمارات في كهربة الأرصفة وأنظمة OPS بلغت 62 مليون يورو، مما يعكس التزام الهيئة بدعم المشاريع المستدامة، و ستتمتع السفن بمواصفات فنية متطورة، حيث يبلغ عرضها 25 مترًا، وتستوعب 804 راكبًا و225 سيارة. وستعتمد على تصميم مشابه لسفن "إليانور روزفلت" و"مارغريتا سالاس"، مع تحسينات لتتناسب مع متطلبات موانئ طريفة وطنجة المدينة.
ويُعد هذا المشروع خطوة كبيرة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويعكس التزام "باليريا" بقيادة تحول قطاع النقل البحري نحو الطاقة النظيفة.