الجزائر: تتوالى ردود الفعل الرافضة لمشروع قانون الأحزاب الجديد في الجزائر، حيث تجتمع مختلف الأحزاب السياسية المعارضة على اعتباره خطوة نحو فرض مزيد من القيود على الحياة السياسية بدلًا من تعزيز التعددية والديمقراطية. وترى هذه الأحزاب أن المشروع يمنح الدولة صلاحيات واسعة للتدخل في شؤون الأحزاب، مما يقوض استقلاليتها ويعرقل نشاطها عبر إجراءات بيروقراطية معقدة.
وتعترض الأحزاب بشكل خاص على منح وزارة الداخلية سلطة تعليق نشاط الأحزاب أو حلها دون اللجوء إلى القضاء، بالإضافة إلى القيود المشددة على تمويلها وعلاقاتها بالمجتمع المدني. في هذا السياق، اعتبر حزب جبهة القوى الاشتراكية أن القانون يمثل إعادة إنتاج لممارسات قديمة تهدف إلى فرض هيمنة السلطة على المجتمع السياسي، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تتعارض مع مبدأ التعددية واستقلالية العمل الحزبي.
من جانبه، أعرب حزب جيل جديد عن رفضه للمشروع، مؤكدًا أنه فُرض دون إشراك الأحزاب في صياغته، مما يعكس توجهًا نحو تحويل الأحزاب إلى هياكل إدارية خاضعة للسلطة التنفيذية. ويرى الحزب أن المشروع يخلط بين التنظيم والتقييد، إذ يفرض إجراءات تحدّ من حرية المبادرة والتعبير السياسي، محذرًا من تداعيات ذلك على المشهد السياسي برمته.
بدورها، انتقدت حركة مجتمع السلم مضمون المشروع، معتبرة أنه يركز على فرض قيود صارمة بدلًا من تقديم آليات تطويرية للأحزاب. وأعربت عن رفضها لاستبدال نظام التصريح بتأسيس الأحزاب بإجراءات تتطلب موافقة مسبقة، معتبرة ذلك مؤشرًا على رغبة السلطة في التحكم في نشأة الأحزاب. كما رفضت الحركة فرض تحديد العهدات القيادية داخل الأحزاب، مؤكدة أن ذلك يشكل تدخلًا مباشرًا في شؤونها الداخلية.
أما حزب العمال، فقد وصف النص المقترح بأنه يمثل تراجعًا واضحًا عن المكتسبات الديمقراطية، مشددًا على أن المشروع يمنح الإدارة صلاحيات واسعة للتدخل في تسيير الأحزاب، سواء عبر فرض شروط معقدة على تأسيسها أو من خلال قيود مشددة على إدارتها الداخلية. ويرى الحزب أن النظام التصريحي هو الأكثر ديمقراطية لتأسيس الأحزاب، مطالبًا بإجراء نقاش واسع بمشاركة جميع الفاعلين السياسيين بدلًا من فرض القانون دون تشاور حقيقي.
ويتوقع أن تشهد مناقشة المشروع في البرلمان جدلًا واسعًا، خاصة مع البنود التي تمنع المنتخبين من تغيير انتمائهم الحزبي خلال عهدتهم الانتخابية، إضافة إلى تحديد فترة انتخاب الأجهزة القيادية بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. كما ينص المشروع على إمكانية حلّ الحزب إذا لم يشارك في موعدين انتخابيين متتاليين، وهو ما يثير مخاوف الأحزاب التي دأبت على مقاطعة الانتخابات كخيار احتجاجي.
في المقابل، تؤكد السلطات أن مشروع القانون يأتي ضمن إصلاحات تهدف إلى تحقيق قدر أكبر من الشفافية في العمل السياسي، وتعزيز الممارسات الديمقراطية داخل الأحزاب، مع ضمان إشراك مختلف فئات المجتمع في الحياة السياسية. وترى الحكومة أن هذه التعديلات تسعى إلى تنظيم المشهد الحزبي بشكل أكثر فاعلية، بما يضمن استقرار النظام السياسي.