الجزائر: تتجه العلاقات الجزائرية الفرنسية نحو مزيد من التوتر، وسط تلويح الجزائر باتخاذ إجراءات عقابية غير مسبوقة تشمل تقليص المساحات العقارية الممنوحة للبعثة الدبلوماسية الفرنسية في العاصمة الجزائر، وذلك رداً على ما وصفته بـ "مضايقات متكررة" لإقامة السفير الجزائري في باريس.
وكشفت مصادر جزائرية مطلعة أن السلطات تفكر بجدية في تقليص مساحة إقامة السفير الفرنسي من 4 هكتارات إلى هكتار واحد، إلى جانب مراجعة مساحة مقر السفارة الفرنسية من 14 هكتاراً إلى هكتارين فقط، تطبيقاً لمبدأ "المعاملة بالمثل". كما تنظر الجزائر في تعديل الإيجارات الرمزية التي ما تزال تُدفع مقابل تلك العقارات، والتي تعود إلى عهد الاستعمار ولم تتم مراجعتها منذ الاستقلال.
وتأتي هذه الخطوة المحتملة بعد قرارات اتخذتها بلدية "نويي سور سين" في ضواحي باريس، تضمنت سحب فضاءات لركن سيارات البعثة الجزائرية وفرض ضرائب على بوابة حراستها، وهو ما وصفته صحف جزائرية بـ"السلوك العدائي والاستفزازي"، معتبرة أن باريس فشلت في التعامل باحترام مع الطاقم الدبلوماسي الجزائري.
وتقع السفارة الفرنسية بالجزائر في منطقة حيدرة الراقية، وتستفيد منذ عقود من مساحات عقارية شاسعة بأسعار رمزية، في حين تؤكد الجزائر أنها لا تحظى بمعاملة مماثلة في فرنسا. ويأتي هذا التوتر الجديد ليُضاف إلى سلسلة من الأزمات بين البلدين، أبرزها ملف الموظف القنصلي الجزائري الموقوف بباريس منذ 8 أبريل 2025، والذي ترفض باريس إطلاق سراحه رغم تمسك الجزائر بحصانته الدبلوماسية.
ورداً على هذا الاعتقال، طردت الجزائر 12 دبلوماسياً فرنسياً من أراضيها، في خطوة قابلتها باريس بالمثل، قبل أن تستدعي سفيرها من الجزائر، في سابقة لم تحدث منذ استقلال الجزائر عام 1962.
وتأتي هذه التطورات لتسلط الضوء على هشاشة العلاقات الثنائية التي، رغم فترات التهدئة الظاهرة، لا تزال رهينة لملفات عالقة تتعلق بالذاكرة، والتمثيل الدبلوماسي، والتعاون الاقتصادي غير المتوازن، حسب الجانب الجزائري.