الرباط – شددت رحمة بورقية، رئيسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، على ضرورة إحداث تحول جذري في الإطار القانوني والتنظيمي للتعليم العالي بالمغرب، معتبرة أن الوقت قد حان لتجاوز القوانين المعمول بها حالياً، والتي أصبحت، بحسب تعبيرها، "غير ملائمة لمتطلبات المرحلة الراهنة".
جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للمجلس، المنعقدة يوم الاثنين، والتي خصصت لمناقشة مشروع قانون جديد يهم التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إضافة إلى مشروع دلائل مرجعية للوظائف والكفاءات في هذا القطاع.
واعتبرت بورقية أن المنظومة الحالية، التي لا تزال محكومة بالقانون 01.00 المعتمد منذ أكثر من عقدين، لم تعد قادرة على مواكبة التحولات المجتمعية والاقتصادية والتكنولوجية التي يعرفها المغرب والعالم، مشيرة إلى أن التحديث التشريعي ضرورة لإرساء حكامة جديدة أكثر فعالية.
وأكدت رئيسة المجلس أن الرهان اليوم يتجاوز تحديث النصوص، ليشمل تطوير آليات التنفيذ وتحسين أداء المؤسسات الجامعية، بما يعزز دورها كفضاءات للإنتاج العلمي والمعرفي، ومواكبة التطورات المتسارعة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وفي هذا الإطار، نبهت بورقية إلى التحديات الأخلاقية والبيداغوجية التي يفرضها الانتشار السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي، داعية إلى تكييف أنظمة التدريس والتقييم الجامعي بما يواكب هذه التحولات العميقة.
وفي سياق مرتبط، أبرزت المسؤولة ذاتها أن التعليم العالي يضطلع بدور محوري في إعداد النخب وتأهيل الكفاءات التي تحتاجها البلاد في مختلف القطاعات، مشددة على ضرورة إرساء تعليم عالي عادل وفعال، يخدم التنمية البشرية ويسهم في تعزيز العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق.
كما دعت بورقية إلى اعتماد مقاربات جديدة لتمويل الجامعات العمومية التي تواجه ضغوطاً متزايدة بفعل النمو الديمغرافي، مطالبة بتوفير خدمات جامعية تقوم على الجودة والشفافية والمهنية، وتعزز موقع الجامعة كرافعة تنموية.
وفي ظل الحديث عن العدالة المجالية، أكدت رئيسة المجلس على أهمية تعميم التعليم الرقمي والتعليم عن بعد، خاصة لفائدة الطلبة في المناطق النائية، معتبرة أن هذا التوجه يسهم في ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص وضمان الإنصاف في الولوج إلى المعرفة.
واختتمت بورقية كلمتها بالتشديد على أن تحديث منظومة التعليم العالي ليس خياراً، بل ضرورة حتمية لمواجهة رهانات الحاضر والمستقبل، في عالم يتسم بتسارع الابتكار وشدة المنافسة على المستويين الاقتصادي والمعرفي.
