شرعت وزارة الداخلية في تنفيذ خطة وطنية واسعة النطاق تستهدف تصفية المتأخرات الجبائية المتراكمة بالجماعات الترابية عبر مختلف أقاليم وعمالات المملكة، في خطوة تروم تعزيز الموارد المالية وتحسين أداء المرافق المحلية.
وحسب مصادر متطابقة، فقد شرع عمال الأقاليم، بناء على تعليمات مركزية صادرة عن المديرية العامة للجماعات الترابية، في توجيه إشعارات رسمية لرؤساء الجماعات، تدعو إلى تعبئة المصالح المالية والجبائية والانكباب على مراجعة الإقرارات الضريبية القديمة، التي يتجاوز عمر بعضها عشر سنوات، وذلك بهدف تصفيتها واسترجاع المتأخرات المقدرة بمليارات الدراهم.
وتأتي هذه التحركات في أعقاب نجاح تجارب نموذجية بعدد من الجماعات بجهة الدار البيضاء–سطات، حيث أفضت حملات تحصيل منظمة إلى تعبئة مبالغ مالية هامة جرى تخصيصها لتمويل مشاريع محلية واتفاقيات تنموية.
وتؤكد ذات المصادر أن المخطط الجديد لوزارة الداخلية يقوم على مقاربة شمولية لتحيين المعطيات الضريبية، وتحديد هوية المدينين، مع تفعيل مساطر الأداء القانونية، بما في ذلك التسوية الكلية أو بالتقسيط، أو اللجوء إلى الإعفاء والتشطيب حسب الحالات. كما تم التنصيص على إنجاز تقارير دورية لقياس تقدم الجماعات في تصفية الملفات الضريبية حسب كل سنة مالية، تمهيداً لإغلاقها بشكل نهائي.
وفي هذا السياق، أبانت تقارير تقنية وردت على الوزارة عن مؤشرات مثيرة للقلق، خصوصاً في جهتي الدار البيضاء–سطات ومراكش–آسفي، حيث سجلت مستويات مرتفعة من "الباقي استخلاصه"، ما دفع السلطات المركزية إلى تعزيز مهام التفتيش، ورصد حالات تلاعب بالإعفاءات، وضعف الأداء الإداري، إضافة إلى شبهات فساد وتواطؤات مع مدينين متهربين من الضرائب.
الوزارة سجلت أيضا تأخراً في إحالة ملفات مدينين على المصالح المكلفة بالتحصيل القسري، رغم وجود نصوص قانونية محدثة، لا سيما مقتضيات القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، في نسخته المحينة الصادرة نهاية 2020، والتي تنص على تسريع وتيرة التحصيل وفرز الديون حسب مستوى المخاطر، وليس قيمتها فقط.
ولم تسلم بعض المجالس المنتخبة من الانتقادات، حيث كشفت الملاحظات المركزية عن وجود ديون ضخمة في ذمة منتخبين أنفسهم، بعضهم يملكون عقارات ومرافق تجارية داخل النفوذ الترابي للجماعات التي ينتمون إليها، ما يطرح تساؤلات حول تضارب المصالح واستغلال النفوذ السياسي في تسهيل عمليات تهرب ضريبي.
وخلصت المصادر إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد اجتماعات مكثفة بين المسؤولين الترابيين ورؤساء الجماعات، لتسريع وتيرة التحصيل، والقطع مع الممارسات السابقة، عبر تعزيز الشفافية المالية وتكريس الحكامة الجبائية على المستوى المحلي.