بروكسيل – اتخذ البرلمان الأوروبي قرارًا مثيرًا للجدل، يوم الأربعاء الماضي، بالموافقة على إدراج الجزائر ضمن لائحة الدول المصنفة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يترتب عنه إخضاع المعاملات المالية القادمة من هذا البلد أو المتوجهة إليه لرقابة صارمة من طرف المؤسسات الأوروبية.
ويستند القرار إلى تقييمات فنية وتقارير حديثة صادرة عن المفوضية الأوروبية، رصدت "نقائص كبيرة" في المنظومة الجزائرية لمكافحة الجرائم المالية، خاصة في ما يخص تتبع تدفقات الأموال والتعاون القضائي الدولي، إلى جانب الرقابة على بعض الكيانات، من بينها المنظمات غير الحكومية.
وتتجه البنوك والمؤسسات المالية في الاتحاد الأوروبي إلى تطبيق تدابير إضافية عند التعامل مع نظيراتها الجزائرية، وذلك من أجل الحد من مخاطر الأنشطة المالية غير المشروعة.
ويتزامن هذا التصنيف مع إدراج الجزائر، منذ أكتوبر 2024، ضمن "القائمة الرمادية" لمجموعة العمل المالي الدولية "غافي"، ما يعني أنها خاضعة للمتابعة بسبب ثغرات استراتيجية في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، رغم تأكيد المنظمة أن الجزائر أحرزت تقدمًا في بعض المجالات التقنية.
ويشمل التحديث الجديد للائحة الأوروبية دولاً أخرى مثل لبنان، كينيا، ناميبيا، فنزويلا، ولاوس، في حين تم شطب دول على غرار الإمارات، الفلبين، وبنما، بعد استيفائها المعايير المطلوبة.
على الصعيد السياسي، لاقى القرار ترحيبًا من بعض الأوساط اليمينية في البرلمان الأوروبي، لا سيما من قبل النائبة الفرنسية لورانس تروشو، المعروفة بمواقفها العدائية تجاه الجزائر. وكتبت في منشور على منصة "إكس" أن إدراج الجزائر على القائمة يعد "خطوة في الاتجاه الصحيح"، وفق تعبيرها.
ويأتي القرار الأوروبي في وقت تعكف فيه الحكومة الجزائرية على مناقشة مشروع قانون جديد يتعلق بالوقاية من غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وخلال عرضه للنص أمام البرلمان، شدد وزير العدل لطفي بوجمعة على ضرورة تعزيز الإطار القانوني الوطني بما يتماشى مع الالتزامات الدولية وتوصيات الهيئات الرقابية الدولية، وعلى رأسها "غافي".
ويتضمن المشروع تدابير رقابية جديدة، من بينها تجميد أموال الكيانات والأشخاص المصنفين ضمن لوائح الإرهاب، وتوسيع صلاحيات التعاون القضائي، وتشكيل فرق تحقيق مشتركة، إضافة إلى تشديد العقوبات على الجرائم المالية ذات الطابع العابر للحدود.
وتخشى الأوساط الاقتصادية الجزائرية من أن يؤثر هذا التصنيف على تدفقات الاستثمار الأجنبي، ويضعف ثقة الشركاء الماليين الأوروبيين، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يُعد الشريك التجاري الأول للجزائر.
وبينما ترى السلطات الجزائرية في مشروع القانون الجديد وسيلة للامتثال للمعايير الدولية، تُطرح تساؤلات حول توقيت التصنيف الأوروبي، الذي تزامن أيضًا مع تصاعد التوتر الدبلوماسي عقب مطالب بعض النواب الأوروبيين بفرض عقوبات على الجزائر، على خلفية قضايا حقوقية، من ضمنها اعتقال الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال.