ماكرون يرفض التصعيد مع الجزائر ويستبعد وزير داخليته من لقاء رسمي بسبب خلافات داخلية

Image description
الجمعة 25 يوليو 2025 - 18:51 النور TV نور الموفيد

باريس – في تطور لافت يعكس تصاعد التوتر داخل الجهاز التنفيذي الفرنسي، قرر الرئيس إيمانويل ماكرون تأجيل لقاء كان مقرراً عقده مساء الخميس 24 يوليوز مع وزير داخليته برونو روتايو، بسبب خلافات حادة حول طريقة إدارة الملف الجزائري، وسط أزمة دبلوماسية متزايدة بين باريس والجزائر.

ووفق ما أوردته وسائل إعلام فرنسية، فإن الإليزيه قرر بشكل مفاجئ إلغاء اللقاء المرتقب بين الرئيس ووزيره، وكلّف بدلاً منه الوزير الأول فرانسوا بايرو باستقبال روتايو، ما عُدّ بمثابة رسالة واضحة من ماكرون برفضه لنهج التصعيد الذي يتبناه وزير الداخلية.

تصريحات مثيرة تسبق التأجيل

وجاء هذا القرار بعد نشر مقابلة لروتايو في مجلة “فالور أكتويل” اليمينية، هاجم فيها ماكرون بشدة، واعتبر أن “الماكرونية ستنتهي برحيله”، مضيفاً أن هذا التوجه “ليس حركة سياسية بل مشروع شخصي لرجل واحد”. كما اعتبر أن مشاركته في الحكومة لا تعني انخراطه في خط الرئيس، بل “تحمّل مسؤولية وطنية في مواجهة خطر اليسار الشعبوي”.

التصريحات أثارت استياء قصر الإليزيه، الذي قرر تأجيل اللقاء لتفادي مواجهة سياسية مفتوحة، خاصة بعدما تبيّن أن الوزير كان يستعد لطرح مقترحات عقابية ضد الجزائر على خلفية توتر العلاقات بين البلدين، من ضمنها تجميد الأصول الجزائرية بفرنسا، وتشديد سياسة منح التأشيرات، واتخاذ تدابير ضد شركات الطيران الجزائرية.

روتايو يلوّح بإجراءات مشددة ضد الجزائر

في سياق التصعيد، كشف تقرير لمجلة “باري ماتش” أن روتايو شرع في تنفيذ سلسلة من الإجراءات الصارمة ضد النخبة الجزائرية، من بينها منع 44 شخصية من دخول فرنسا، وإلغاء امتيازات دبلوماسية تتعلق بالتنقل والعلاج، ضمن ما وصفته المجلة بـ”سياسة رد تدريجي”.

وفي إجراء إضافي، أعلن روتايو أنه سيصدر تعليمات للمحافظين بعدم اعتماد جوازات السفر الجزائرية الصادرة عن القنصليات، ضمن طلبات التسوية أو الإقامة، معتبراً أن هذه الوثائق “غير موثوقة”.

الجزائر ترد: تصريحات تعسفية وتمييزية

ردت الجزائر بشدة على هذه القرارات، حيث وصف مصدر رسمي من وزارة الشؤون الخارجية التصريحات بأنها “تعسفية وتمييزية”، مشيراً إلى أنها “تخالف القانون الفرنسي وتمس بحقوق المواطنين”. كما اعتبرت الجزائر أن ماكرون لا يملك أغلبية صريحة لإقالة روتايو، مما يمنح الأخير هامش تحرك واسع داخل الحكومة.

وتفاقم التوتر بعد منع أعوان السفارة الجزائرية من الوصول إلى مناطق خاصة بالمطارات الفرنسية لتسلم الحقائب الدبلوماسية، ما دفع الجزائر إلى استدعاء القائم بالأعمال الفرنسي وتقديم احتجاج رسمي معتبرة ذلك “خرقاً لاتفاقية فيينا”.

دعوات للتهدئة وانقسامات داخل الأغلبية

في أعقاب الأزمة، خرجت شخصيات بارزة في الأغلبية الرئاسية لمهاجمة روتايو. الوزيرة السابقة إليزابيث بورن قالت إن تصريحاته “تقوّض أسس الأغلبية”، فيما اعتبرت الوزيرة أنياس بانييه-روناشر أن “الماكرونية تمثل خيار الوحدة في وجه الانقسام”.

ورغم ذلك، أكد روتايو في تصريح صحفي أن “اللقاء بالرئيس لم يُلغَ بل تأجل فقط”، نافياً وجود نية للاستقالة من الحكومة.

أزمة تتجاوز التصريحات

يرى مراقبون أن الخلاف بين الرئيس الفرنسي ووزير داخليته لم يعد مجرد اختلاف في وجهات النظر، بل أصبح صراعاً مفتوحاً داخل المؤسسات، خاصة في ظل استمرار ماكرون في سياسة التهدئة مع الجزائر، مقابل تمسك روتايو بخط متشدد يراهن على التصعيد لتحقيق مكاسب سياسية داخلية.

ويُنتظر أن تُلقي هذه التطورات بظلالها على مستقبل العلاقات الفرنسية الجزائرية، كما على تماسك الحكومة الفرنسية في مرحلة توصف بأنها من أكثر الفترات حساسية في ولاية ماكرون الثانية.

الأكثر قراءة