بعد أسبوع من انطلاق الاحتجاجات التي قادها شباب “جيل زد” في مدن مغربية عدة، لم تعد مطالبهم تقتصر على إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد، بل تجاوزتها إلى الدعوة لإسقاط حكومة عزيز أخنوش. هذا التحول السريع في الخطاب يعكس، في جوهره، حالة الغليان الاجتماعي المتصاعدة، وعمق الفجوة بين الجيل الجديد وصنّاع القرار.
لقد بدأ الحراك بشعارات مطلبية بسيطة ومباشرة، تدعو إلى “مدارس تحفظ كرامة أبناء الشعب ومستشفيات لائقة تضمن العلاج للجميع”، لكنه ما لبث أن اكتسب طابعاً سياسياً أكثر حدّة، عندما رفع المحتجون في شوارع المدن الورقة الحمراء في وجه الحكومة. ورغم أن هذا المطلب بدا مفاجئاً للبعض، إلا أنه جاء، في نظر كثيرين، نتيجة تراكم خيبات الأمل من بطء الإصلاحات وغياب الثقة في الوعود الرسمية.
التحول في سقف المطالب فتح الباب أمام قراءات متباينة. فهناك من يرى، أن شعار إسقاط الحكومة “قد يكون انعكاساً لاختراق سياسي أو ضغط من أطراف معارضة تبحث عن موطئ قدم داخل الحراك.
ما يجري اليوم في الشارع المغربي لا يمكن فصله عن سياق أوسع من التحولات الاجتماعية والسياسية التي يعيشها المغرب منذ سنوات. فجيل الشباب الجديد، الذي نشأ في زمن الانفتاح الرقمي، يعبّر عن وعي مختلف ورغبة قوية في التغيير السريع والملموس. لكن الرهان الحقيقي يبقى في قدرة الدولة ومؤسساتها على الإصغاء إلى هذا الصوت الجديد دون تهوين أو تهويل، والبحث عن مقاربة متوازنة تجمع بين الاستجابة للمطالب المشروعة والحفاظ على الاستقرار العام.
إن ما يميز حراك “جيل زد” ليس فقط قوته العددية أو انتشاره في المدن، بل لغته الجديدة، وجرأته في مساءلة من يمسك بزمام السلطة. لذلك، فإن التعامل معه بمنطق التقليد أو التجاهل لن يكون مجدياً، لأن هذا الجيل لا يطالب بالإصلاح فحسب، بل يريد أن يشارك في صناعته.