السلطات التونسية تحقق في هجوم أمام كنيس في جزيرة جربة

Image description
الأربعاء 10 مايو 2023 - 17:36 النور Tv

جربة (تونس): تحقق السلطات التونسية الأربعاء في ملابسات هجوم نفذه أحد رجال الأمن وقتل اثنين من زملائه وزائرين خارج كنيس يهودي في جزيرة جربة (شرق) خلال موسم الحج اليهودي قبل أن يُقتل بالرصاص.

وهذا الكنيس هو الأقدم في إفريقيا وكان استُهدِف عام 2002 بهجوم انتحاري بعربة مفخّخة ما أسفر عن 21 قتيلًا.

وأفاد متحدث باسم محكمة مدنين فتحي البكوش وكالة فرانس برس بأنه “تم فتح بحث وتحقيق في عملية اجرامية مبدئيا”.

وقالت وزارة الداخليّة في بيان إنّ هجوم الثلاثاء نُفّذ على مرحلتَين.

والأربعاء انتشرت قوات أمنية حول محيط الكنيس، مما أدى إلى إغلاق جميع الطرق المؤدية إليه، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس متواجدين على عين المكان.

كما قُتِل شخصان كانا يُشاركان في احتفال ديني يهودي في كنيس الغريبة.

وأوضحت الداخلية أنّ “عونَ حرسٍ تابعًا للمركز البحري للحرس الوطني (…) أقدم مساء اليوم الثلاثاء على قتل زميله باستعمال سلاحه الفرديّ والاستيلاء على الذخيرة”.

وأضافت أنه بعد ذلك “حاول الوصول إلى محيط معبد الغريبة وعمَدَ إلى إطلاق النار بصفة عشوائيّة على الوحدات الأمنيّة المتمركزة بالمكان والتي تصدّت لهُ ومنعته من الوصول إلى المعبد وأردتهُ قتيلًا”.

وذكرت الوزارة أنّ اثنين من “زوّار” المعبد قُتِلا برصاص المهاجم قبل أن يتمّ إرداؤه، مشيرةً إلى “إصابة 4 أشخاص آخرين بجروح مُتفاوتة، تمّ نقلهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج”.

كما أصيب ستة من عناصر الأمن بجروح.

من جهتها، أوضحت وزارة الخارجيّة التونسيّة في بيان الثلاثاء أنّ “المتوفّيَيْن من الزوّار هما تونسيّ (30 عاما) وفرنسيّ (42 عاما)”، من دون أن تكشف هويّتَيهما.

زيّا رسميّا

ذكر وزير السياحة التونسي السابق رينيه الطرابلسي وهو من بين المسؤولين عن الجالية اليهودية التونسية في جربة وكان موجودًا في الكنيس حين وقع الهجوم، أن القتيلين تربطهما قرابة عائلية وهما أفييل حداد يهودي تونسي يبلغ من العمر 30 عامًا، وبنيامين حداد (42 عامًا) ويعيش في فرنسا وكان في جربة للمشاركة في الحج.

وقال لإذاعة “موزييك اف ام” الخاصة أن مرتكب الهجوم كان يرتدي زيّا رسميا أمنيّا وبزة واقية من الرصاص، لكن بفضل تدخل قوات الأمن تم التنبه والتصدّي له بسرعة كبيرة.

وأضاف “لولا التدخل السريع لحدثت الكارثة لأن مئات الزوار كانوا على عين المكان”.

في أعقاب الهجوم، أعلنت السفارة الفرنسيّة في تونس أنّها أنشأت “خليّة أزمة” ورقمًا للطوارئ.

من جهته، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأمريكيّة ماثيو ميلر على تويتر، إنّ “الولايات المتحدة تندّد بالهجوم الذي وقع في تونس ويتزامن مع موسم الحجّ اليهودي السنوي الذي يجتذب مُصلّين من كلّ أنحاء العالم إلى كنيس الغريبة”.

وأضاف “نعرب عن تعازينا للشعب التونسي ونُثني على التحرّك السريع لقوّات الأمن التونسيّة”.

ونُفّذ الهجوم في وقتٍ كان مئات المصلّين يشاركون في موسم الحجّ اليهودي السنوي في الغريبة والذي كان يوشك على الانتهاء مساء الثلاثاء في هذا الكنيس.

وأكّدت وزارة الداخليّة أنّه “تمّ تطويق المعبد وحوزته وتأمين جميع” الموجودين داخله وخارجه، مشيرةً إلى أنّ “الأبحاث مُتواصلة لمعرفة دواعي هذا الاعتداء الغادر والجبان”، من دون أن تتحدّث في هذه المرحلة عن اعتداء إرهابي.

أزمات

في بادئ الأمر، تحدثت وسائل إعلام تونسيّة عن إطلاق نار قرب كنيس الغريبة بعد مقتل عنصر أمن في ظروف غامضة.

وقد سَمع إطلاق النار مئات المصلّين الذين كانوا موجودين في الكنيس للمشاركة في الحجّ السنوي، ما تسبّب في حال من الذعر في صفوفهم، حسب وسائل إعلام محلّية.

وفقًا للمنظّمين، أتى هذا العام أكثر من خمسة يهودي، معظمهم من الخارج، للمشاركة في حجّ الغريبة الذي استؤنف السنة المنصرمة بعد انقطاع دام عامين بسبب كوفيد-19.

يُنظّم الحجّ إلى كنيس الغريبة سنويًّا في اليوم الثالث والثلاثين من عيد الفصح اليهوديّ، وهو في صميم تقاليد اليهود التونسيّين الذين لا يزيد عددهم على 1500، يعيشون بمعظمهم في جربة، في مقابل مئة ألف قبل الاستقلال عام 1956.

ويأتي حجّاج أيضًا من الدول الأوروبّية أو الولايات المتحدة أو حتّى إسرائيل، لكنّ عددهم تضاءل إلى حدّ كبير بعد اعتداء عام 2002.

ويأتي هذا الهجوم في وقتٍ تُسجّل السياحة انتعاشة قويّة في تونس بعد تباطؤ حادّ خلال الجائحة.

وعلى أثر سنوات عدّة من التدهور بسبب عدم الاستقرار الذي أعقب ثورة عام 2011، تأثّر هذا القطاع الرئيسيّ للاقتصاد التونسي إلى حدّ كبير بعد هجمات في عام 2015 استهدفت متحف باردو في تونس وفندقًا في سوسة، وأسفرت عن 60 قتيلًا بينهم 59 سائحًا أجنبيًّا.

بعد ثورة2011 الشعبيّة التي أطاحت الديكتاتور زين العابدين بن علي، شهدت تونس صعود جماعات جهاديّة، لكنّ السلطات تؤكّد إحرازها تقدّمًا كبيرًا في مكافحة الإرهاب خلال السنوات الفائتة.

ويأتي الهجوم أيضًا في وقتٍ تشهد تونس أزمة ماليّة حادّة تفاقمت منذ أن تفرّد الرئيس قيس سعيّد في تمّوز/ يوليو 2021 بكامل السلطات بالبلاد.

الأكثر قراءة