مدريد: وافق مجلس الوزراء الإسباني برئاسة بيدرو سانشيز، على اعتماد السفير الجزائري الجديد في مدريد، في خطوة تؤكد عودة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين بعد نحو 20 شهرا من الأزمة التي خلفها قرار الحكومة الإسبانية تغيير موقفها من قضية الصحراء الغربية.
وقال موقع “أي بي سي” الإسباني، إن مجلس الوزراء خلال اجتماعه يوم الثلاثاء، صادق على اعتماد السفير الجزائري إلى إسبانيا مع وفود دبلوماسية أخرى. وورد في وثائق الاجتماع دون تقديم مزيد من التفاصيل أنه “تم الاتفاق على مقترح منح الموافقات لرئيس بعثة أجنبية”.
ونقل الموقع عن مصادر دبلوماسية إسبانية، أن الأمر يتعلق بعبد الفتاح دغموم، السفير الجزائري المنتظر في مدريد. وبمجرد منح الموافقة، يجب على وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية إخطار الجزائر بذلك. وأضاف أن “كل هذه الإجراءات تتم عبر القنوات الدبلوماسية المعتمدة، والتي تعتبر سرية، وبالتالي تمت معالجة العملية بحذر من قبل كل من السفارة الجزائرية في مدريد ووزارة الخارجية”.
ولدى الدبلوماسي دغموم خبرة في العلاقات الجزائرية الإسبانية، بحكم أنه كان الرجل الثاني في سفارة الجزائر بمدريد عام 2019، قبل أن يُعيّن لاحقا سفيرا للجزائر في غينيا كوناكري، ويصبح بعدها مسؤولا في وزارة الخارجية بالجزائر إثر الحركة الدبلوماسية الأخيرة.
وكانت صحيفة “كونفيدنثيال” الإسبانية قد نقلت قبل أيام عن مسؤول حكومي جزائري، على دراية بالعلاقة بين الجزائر وإسبانيا، أن “فكرة عودة السفير إلى مدريد ليست جديدة، ولكن كان على السلطات انتظار اللحظة المناسبة للقيام بها”. وأبرز أن “خطاب سانشيز الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بنيويورك، شجّع على إرسال السفير الجزائري إلى مدريد”.
ويرى ملاحظون أن عدة عوامل ساهمت في التطور الإيجابي للوضع في العلاقات، من بينها تقدير الجزائر لموقف بيدرو سانشيز المؤيد لإقامة دولة فلسطينية الذي أعرب عنه في سياق العدوان الإسرائيلي الأخير، كحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحديثه من جديد عن دعم المسار السياسي لحل النزاع في الصحراء الغربية وفق مقررات الأمم المتحدة.
وتواجه حكومة سانشيز منذ توتر العلاقات الجزائر، ضغطا كبيرا من المؤسسات الإسبانية ورجال الأعمال، فالصادرات الإسبانية نحو الجزائر انخفضت بشكل حاد بعد تعليق اتفاقية الصداقة بين البلدين، وممارسة شبه حظر على دخول المنتجات الإسبانية إلى الجزائر، في وقت تشير الأرقام الرسمية الجزائرية إلى أن حجم التبادل التجاري بين الجزائر ومدريد كان يبلغ نحو 9 مليارات دولار، قبل الأزمة الحالية.
وشكل يوم 19 مارس 2022 تاريخ بداية الأزمة بين الجزائر وإسبانيا بعد إعلان الجزائر سحب سفيرها سعيد موسي من مدريد، ثم قرار الرئاسة الجزائرية، التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة مع المملكة الإسبانية سنة 2002، وهي قرارات جاءت بعد الكشف عن تبني الحكومة الإسبانية خطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، وهو ما تعارضه الجزائر التي تدافع عن حق الصحراويين الذين تستضيف جزءا منهم على أراضيها كلاجئين في تقرير المصير.
وكان الموقف الإسباني مفاجئا على اعتبار مدريد هي القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء المغربية ولا تزال القوة المديرة للإقليم وفق السلطات الجزائرية. وذكرت الرئاسة الجزائرية في مبرراتها في ذلك الوقت أن ما فعلته إسبانيا “يعد انتهاكا لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية للسلطة المسؤولة عن الإقليم والتي تقع على كاهل مملكة إسبانيا حتى يتم إعلان إنهاء الاستعمار في الصحراء المغربية من قبل الأمم المتحدة”.